بيرم في الجزائر
1
مر الأسبوع الأول على بيرم بالجزائر صعب جداً... فلم يكن يعرف احد.. كان يذهب إلى الشارع.. ويعود سريعاً... لم يتأقلم مع أولاد السفير اليمني.. وخصوصا أنهم..صغار بالسن.وكذا أولاد بعض موظفي السفارة من ملحق ثقافي.. وسكرتير أول... إلى إن تعرف على ( وقاص).. جارهم ..بنفس الحي الدبلوماسي ..وهو ابن السفير السوداني بالجزائر.. الدكتور الواثق الفضل عبدا لله.... كان وقاص شاب..هادى وطيب.. وخدوم جداً.. تأقلم سريعاً مع بيرم.. وأعجب بشخصيته.. وأسلوبه... أراد إن يعرفه على شوارع العاصمة..فذهبا إلى شارع محمد الخامس..
وهناك ... اشتغلت الحالة مع بيرم بيك... وضن انه بشوارع عدن.. فشاهد فتاتين جزائريتين...( أحلى من السكر)..على حد وصفه... فقال لصديقه وقاص...: تعال نتعرف عليهن... فحاول إن يمنعه وقاص.. ولكن لافا ئده...
ذهب بيرم أليهن... فحاول إن يتحدث أليهن... فلم يفتهم لهن أي شيء من كلامه.. كان يكلمهن باللهجة العدنية ( الدارجة)...فحاول وقاص إن يكلمهن بالفرنسي ويعتذر لهن... فابتسمت... نجاة.. وهي الكبرى.. وحاولنا إن يبادلن بيرم الحديث.... وما كادت الأمور تفرج بوجه البيرم... وإذا بشابين جزائريين يتقدما إليهم... وكانا أصدقاء .. نجاة وصديقتها.. ومواعد ينهم على ركن الشارع... فتحرشوا بيرم.. وحاول وقاص إن يجذبه ليذهبا خوفا من إن يؤذيه الشابين... ولكن بيرم ( على قول أهل عدن) ( طبز...وعنادي)... رد عليهم... وما هي إلا لحظات... ليوسعوه ضربا.. وركل... وزبط.... حتى وقاص اخذ نصيبه... ولم يمنعهم إلا مرور إحدى دوريات الأمن..
اخذ بيرم أول علقه ساخنة بالجزائر... فأخذته العزة بالنفس... وزعل وغضب.... كيف ينضرب... وبينما هم يمشيان في طريق العودة شاهد بيرم لوحة مكتوب عليها...
( نادي الجزائر الرياضي لتعليم التيكواندو).... فقرر أن يدخل إلى النادي ليستطلع..فشاهد الأولاد صغار وكبار وهم يتدربون ويتصارعون... في الساحة....
اخبر صديقه وقاص انه سيسجل بالنادي... فحاول وقاص إن يفهمه إن الرياضة لاتفيده هنا بقدر أهمية تعلمه للغة الفرنسية.. فقال له سأتعلم الاثنين معاً... ومن هنا كانت البداية لبيرم في طريق القمة.. والنجاح...
كان بيرم وعلى مدى ثلاثة أشهر يذهب صباحاً.. للمدرسة الفرنسية بالجزائر... وفي المساء يذهب إلى النادي... خلال تلك الفترة تقدم بيرم وتفوق بعدد من مستويات تعلم الفرنسية... وكذا إجادته وبشكل مكثف أساسيات التكيواندو وتفوق على بعض زملائه... ليتقن أللعبه.. ويرهق نفسه بالتدريب الشاق وتنفيذ التعليمات.. ولم يكن إمام المدرب إلا إن أعجب به وحاول إدخاله مع فريق اكبر منه سنا وأكثر تدريبا .. وكاد يتفوق عليهم... ومن هنا ضمن بيرم انه لن ينضرب مرة أخرى..
وفي الجانب المقابل... أصبح بيرم حديث المدرسة الفرنسية... فهو لا يؤمن بقانون دولة سز ( خالف تعرف) بل شخصيته وجراءته... الغير معهودة التي ميزته... لم يفرض نفسه على احد بل كانت البنات بتسابقنا للتعرف إليه وكسب وده.. كان أنيق الملبس.. ويهتم جدا بهندامه... وخصوصا إن خاله ( اسعد رباش) كان مغترب بالخليج ويمتلك عدد من المحلات.. ويقوم بإرسال إليه ما يريد من ملابس.. أضافه إلى وسامته وقامته ... وجسمه الرياضي الجميل....
تعرفت عليه... ( مادلين ) أبنت السفير اللبناني بالجزائر .. وكانت تتعلم الفرنسية..خصوصا أنها .. أتت مع والدها بعد إن تم نقله من جمهورية البيرو.. ليمثل لبنان بالجزائر...أعجبت به... ووجهت إليه دعوة لحضور حفل عيد ميلادها.... فذهب بيرم وهناك تعرف... على الكثير....من الجميلات ومن الشباب..كان سيد الحفلة..بروحه المرحة.. وتصادق مع الجميع وصار معروفا هناك باسم بيرم اليمني...
وعندما اختلط الحابل بالنابل في الحفلة من رقص وهرج ومرج.. انسحب قليلاً... لتأتي إليه.. ألسيده..سوزان حرم السفير.. وتقول له.. عش حياتك يابيرم.. وانبسط... فابتسم إليها ... وقال .. ( مالهذا خلقنا..!!!)...فاندهشت من تعليقه.. ألساخري..
لم يمضي أسبوع أخر ... إلا ووالده بعد إن أحس إن بيرم .. أصبح شاب عاقل وهادى... فصحبه معه إلى السفارة الروسية التي كانت تقيم حفلا... بإحدى مناسبات الثورة البلشفية.. على ما اعتقد.... فتقدم مع والده... وصافح على السفير الروسي... وزوجته.. وعند مصافحته لأبنت السفير تذكر صديقته الأوكرانية سافيشا أبنت الجنرال اوليانوف... فتحدث إليها بالروسية قائلا( يسعدنا إن نحضر هذا الحفل .. الوطني.. الذي يعيد ألينا أمجاد ثورة أكتوبر العظمى..ثورة الصقر.. والغربان..).. وأردف قائلا: فرصة سعيدة.. آنسه..).. وذهب للمقعد بجانب والده... فكانت البنت مندهشة.. لسببين الأول : شخصية بيرم الجذابة... وثانيه اللهجة واللغة الروسية التي أجادها بطلاقة جداً... حتى أنها لم تفهم معنى كلمتي ( ثورة الصقر والغربان).... كانت تستقبل الوافدين مع والدها ... وتنظر إلى بيرم .. بنفس الوقت.. وبينما لاحظ بيرم ذلك... أراد إن يتجاهلها... ولا يعطيها أهمية... وهذه سياسة بيرميه..خطيرة.... وبينما كان الحفل يبدأ فقراته .. والسفير يلقي كلمته.. لتتقدم بعد ذلك.. إحدى الفرق الروسية باستعراضاتها... وإذا بتلك الفتاه الروسية... تنظر إلى بيرم... وتأشر بيديها إليه إن يذهب إليها... فلم يعرها أي اهتمام.... فتقدمت إليه.... وتستأذن والده إن يذهب معها..فابتسم والده الذي كان مندمج مع إحدى فقرات الحفل صحبته إلى احد المقاعد الجانبية.. لتسأله.. لم تخبرني عن اسمك...
فقال : اسمي بيرم اليمني..
قالت: واني اسمي..ناديجا... فابتسم بيرم.. لتسأله.. أنت تجيد اللغة الروسية أين تعلمتها:
فقال : تعلمتها في أوكرانيا.... ( وبينما هي تريد إن تتحدث بأمور كثيرة ولكن ظهر عليها الارتباك إمام شخصية بيرم)
فقالت له: ماذا كنت تقصد بثورة الصقر والغربان فضحك بيرم.... قائلاً.. هذه قصة ثورية في بلادنا... وإذا أحببنا أي بلد .. نقول مفاخرين هذه ثورة الصقر والغربان... فثورتكم لم تكن ثورة سوفيتية بل ثورة العالم كامل.. انه ثورة البروليتاريا... ثورتنا جميعاً... فأعجبت برده ..مع أنها لم تفهم شيء... إلا أنها كانت تريد إن تفتح بأي طريقه حوار معه...
في الجانب المقابل.. كان هناك احد الروسيين.. وهو موظف بالسفارة السوفيتية بالجزائر .. يراقبهم .. ويسترق السمع.. للحديث الدائر... بين بيرم وناديجا...
استمرا في الكلام والحوار والقصص البيرميه... فاندهشت لحديثه.. وقصصه في عدن وأوكرانيا ومعارفه وأصدقائه هناك... فكان بيرم بالأساس الأول مستمع جيد وهذا مايحبب الآخرين به.. انه ينصت للحديث ويضع عينه بعين المتحدث .. ولا يقاطعه.. أو يسرح بتفكيره ..بل ينصت .. ويتدخل أحيانا... ليعطي للحديث أهمية.... تحدثت ناديجا عن نفسها .. بعد إن كان يسألها بيرم... وعادة الروس يحبون الحديث عن أنفسهم كثيراً.. وهذا ماكان يعرفه بيرم ... بحكم علاقته بأوكرانيا مع شخصيات من المجتمع الروسي... والأوكراني...
وقبل نهاية الحفل.. كان البعض يتابع الحفل وفقراته.. والبعض الأخر منشغل بالأحاديث الجانبية.... وماهية إلا لحظات حتى تقوم ناديجا وتمسك يد بيرم.. وتذهب به إلى والدتها..لتعرفه عليها... وبحكم أسلوبه الخطير... البيرميه... تفنن في مدح والدة ناديجا.. وتخير لها أفضل العبارات... بطريقه ذكيه.. وحاول إن يستأذن منهم.. ولكن ناديجا رفضت وتمسكت به... واخبرها إن لديه مذاكره .. وعنده اختبار فرنسي اليوم التالي... وهنا أصرت إن تأخذ رقم هاتف منزله... وتعطيه هاتف منزلها.... وهنا... تقدم ذلك الشاب الذي كان يراقب الحديث... ليجذبها إليه بطريقه ذكيه دون إن يشعر احد بان هناك أمر ما.... ليتهامس معها ببعض الكلمات... لتعود إلى بيرم بوجه متغير..
وكان بيرم قد فهم الأمر... لينسحب بهدوء... وناديجا ..تخبر والدتها..بان مسئول الأمن بالسفارة منعها من إن تعطي بيرم رقم هاتف المنزل... وبيرم حينها كان قد أعطى ناديجا رقم هاتفه...
الجزء الثاني من الفصل الأول:
ناديجا ... في منزل بيرم اليمني...!!! كيف ذهب إليه؟ ولماذا؟
قصة الحادث الذي وقع له بالطريق... وكيف وجد نفسه بالسفارة الروسية..
من هي الفتاه الفرنسية التي تعرف عليها عن طريق مادلين ألبنانية
وما حكاية الشجار الخطير.. الذي وقع بين بيرم وشابين جزائريين.. ومن أرسلهم....
وماهو السر الخطير.. الذي جعل بيرم يذهب ليلا لمنزل السفير اليمني دون إن يعرف والده بالأمر...
كل ذلك.. وإحداث خطيرة .. تتابعونها مع قصة عفريت الشرق الأوسط..بالجزء الثاني من الفصل الأول من سلسلة الجاسوسية وبيرم العدني...
الحقوق محفوظة للقلم الساخر
Bookmarks