في كل ليلة تمنعني به مادة الأيفدرين المغروسة في القات من النوم ، أظل أغني في وقت السحر أغنية فيروز الشهيرة :
"حبيتك تنسيت النوم ...يا خوفي تنساني
حابسني براة النوم ...و تاركني سهراني
أنا حبيتك ....حبيتك ... أنا حبيتك حبيتك"....
كثيرة الأشياء التي ممكن تنسينا النوم غير مادة الكافيين الموجودة في الشاي و القهوة، وغير متابعة مباريات كأس ليباتادورس في أمريكا الجنوبية ، حادثة مقلقة أو أنتظار مشوق ، من منا لم يكن يسهر حتى الفجر في ليلة أي يوم الذهاب لرحلة معينة ، أو في ليلة أول سفرة في حياته .
أمور أخرى قد تؤدي أيضا لنسيان النوم ، الحب من طرف واحد ، الأشتياق للحبيب و تفقد أخباره، كأن كل محب عليه السهر وعد الليالي ، تماما كما يقول قيس :
"أعد الليال ليلة بعد ليلة وقد عشت لا أعد الليالي"
ومن السهارى أيضا اللصوص الذين يعتبرون أصحاب أقدم مهنة تتطلب السهر، ربما بفرق واحد عن العشاق يختصره المثل العدني
فرحة العاشق في القماري ....وفرحة السارق بالغداري.
ومنهم أيضا الأطباء المقيمين في المستشفى الباحثين عن التخصص ، وطلاب الجامعة "القراطين" الذين اصيبوا بهوس المذاكرة ، وسواقي الحافلات الذين يريدون أن يتزوجوا بسرعة ، كل هولاء تجدهم كل ما "تثائبوا" يبعدون عنهم النعاس بترديد مقولة الشافعي :
بقدر الكد تكتسب المعالي ..
ومنطلبالعلاسهر الليالي
تروم العز ثم تنام ليلاً
.. يغوص البحرمنطلباللآلئ
لا أحد يعلم إن كانت هذه حقيقة فعلا ، فلو أثبت نابليون هذه الحقيقة وهو من كان نومه قليلا جدا ، فإن أينشتاين كان من كثيري النوم ((ربما كان يتيما و لم تكن أمه تردد عليه المثل الشهير " من شقى لقى ، ومن رقد تمنى"، وربما كان شديد الوثوق بأغنية فيصل علوي الشهيرة
"غلط يا ناس يصحوني و أنا نايم
...يقولوا لي تعال أسمع ....
وكيف أسمع و أنا نايم ")).
حتى الحيوانات لها نومها ، وبينما ينام الحصان والزرافة وهما واقفان ((تماما كرجال شرطتنا الأشاوس)) ، وينام الدولفين مغلقا عين و فاتحا الأخرى ((تماما كرجال المخابرات الشجعان))، فإن بعض الأسماك لا يغمض لها جفن أبدا ، العلماء يقولون أنها تنام هكذا لأنها أصلا لا تملك جفونا في أعينها، بينما يؤكد الأخرون أنها تحب للغاية أغنية راشد الماجد " أنا صاحي لهم ، وعيني عنهم مش غافلة".
ومن أبرز النوامين ((لو صح المصطلح )) غير أهل الكهف هم أبناء المسئولين الذين يجدون كل شيء عندهم ، والدببة التي تظل طوال شهر الشتاء نائمة، والموظفين البسطاء الهاربين من هموم الحياة((غالبا ما يرافق نومهم سيمفونية رائعة من الشخير الموسيقي )) ،و الأطفال الرضع الذين يحتاجون لحوالي 15 ساعة من النوم يوميا حتى ولو كانت أمهاتهم لا تجيد الهدهدة ((الغناء للطفل حتى ينام)) .
صحيح أن الكثير من الأصدقاء نصحوني باللجوء بعد المقيل لجلسة تنويم مغناطيسي، لكني لا أزلت أفضل أن أقضي وقت السهر مغازلا كومبيوتري ومرددا عليه أغنية أم كلثوم :
ما خطرتش على بالك يوم ....تسأل عني
و عينيا المجافيها النوم....يا مسهرني.
دمتم بلا قات ...و بلا سهر.
Bookmarks