-
مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لأنكَ الفجر و رائحة المطر و النافذة و الشارع و أعمدة الإنارة و البيوت العتيقة ، و وجه العمّ " سعيد " و ضجيجُ الصغارِ و بكاءُ " عاصم " حين لا يريد المدرسة ! و لأنك أنتَ الأشياء جميعًا، تستوطنها و تترك فيها روحكَ و أثرَ خطوْكَ، و لأنني مرتبكة بعدكَ، و غريبة ، و لا أعرفني إلا بقدر ما تركتَ لي من عمر- أتراك تركتَ ؟! - لأجل هذا .. سأبدأ كتابتكَ صباحًا .
مرّ يومي فارغًا منكَ .. و من
أمل اللقيا فما أتعس يومي
إبراهيم ناجي
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
تبدأُ فيّ غصّة قبل أن تتشكل على هيئة حرفٍ ثمّ حكاية، و لا أبدأ فيكَ على الإطلاق، أنتَ الدائرة أبدًا .. لن تدرك إلى أي حدّ أتعثر بنقاط البداية فيك و كيف أنني أنتهي سريعًا قبل أن أراكَ، و قبل أن أرى كيف كان وجهي في مرايا عينيْك .
تغيبُ ..، و يخبرني خفاش الشكّ أنكَ لن تعود أبدًا، و أن أيلول هو آخر عهدي بكَ و أن آخر ما تبقى منّي أودعتـَه حقائب سفركَ .
- تعالي، هذه المرة الأخيرة .
- ..
لم أخبركَ أنني أفهم كلّ شيء على خلافه، و أن الحضور يشبه الغياب و المجيء كالذهاب، و أن " تعالي " تجعلني أبتعد كثيرًا، رغم " المرة الأخيرة "، الشيء الوحيد الذي فهمته كما أردتَ بالضبط .
أقفُ طويلًا أمام المصعد، هذا الـمحشوّة فيه أيامي و ذاكرتي و وجهك حين عبرني أول مرة و ما زال حتى اللحظة، أكادُ أبتسم لولا أنك غائب و أنني في الطريق للنسيان و للسير حثيثًا بدونك، هل تدرك معنى أن أسير في الشوارع دونما يدٍ تمسكني ؟ أكلم الباعة بمفردي .. و أصعد بمفردي و أدير مفتاح الشقة بمفردي ؟! و أعيش منفردة و أنا الأنثى التي طالما سخرتَ منها، لأنها لا تستطيع أن تكون إلا بكَ، لمَ لمْ أفهم أن السخرية العابرة قد تلمح إلى قرارٍ غير عابرٍ أبدًا ؟!
أكذب عليّ و أقول لو أنني فقط أتخلص من صوتكَ الذاكرة، العالق بأذنيّ، و صورتكَ التي ترتكن على تحفةٍ قديمة، كنتُ سأنساك، و أعلمُ - حين أكذبُ - أن كل الأشياء مستحيلة، و أن عمري بأكمله يرتكنُ على إطلالة منكَ و حسبْ .
أسير على امتداد الشارع الذي تعرفه، و أدخلُ " بمفردي " حيث كنت تصحبني لأنتقي لك " ملابسك "، و أنتظر أن يسألني البائع عنكَ، أتوقع السؤال .. و لا يأتي، لا أحد يشاركني الانتظار إذًا، أتساءل عما إذا كان في عينيّ ما يوحي بالفقدِ و الفجيعة و الصمت، هذا البائع يعرفك جيدًا، و يعرفني، و يذكر تمامًا كم كان يطعن في ذوقي ! ألا يمكن أن يسأل عنك، فأقول له إنك غائب و إنك ربما لن تعود و إنني أفتقدك و .. أثرثر !
مؤسفٌ أن تصل بنا الحاجة للحديث إلى الثرثرة مع العابرين .. ؟!
متى ستأتي إذًا لكيلا أفكر في فك ظفائر صمتي أمام غيركَ ؟ و لأتوقف عن الإنصات للأحاديث داخلي، ألم تخبرني من قبل أنني واحدة و اثنتيْن و ثلاثة و عشرًا، و أنني أسكِنهم جميعًا فيّ ثم لا أجد لي متسعًا .. فأخرج منّي دون أن أصفق أبواب قلبي ؟! هن الآن بداخلي بفتعلن الضجّة وأنا أراقب من بعيد كيف يمكن أن يعيش الكل فيَّ دون أن أعيش في أي مكان، و دون أن أموت ؟!
لستُ حزينة و لا سعيدة و لا مطمئنة و لا جزِعة، و لا يمكنني أن أكتب شعرًا أو قصة أو رواية، أحتاج فقط أن أنصت لكَ بعيدًا عن هذا الضوضاء فيَّ و الصخب، بعيدًا عن اللغة و الموسيقى و العطر، لتحدثني كيف أنّ أيامنا تتشابه، و أنني فيكَ غصّة .. و زمني لا يتناهى أبدًا ؟!
فبراير
2009
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
أثملتني ياسمراء.
أسجل هنا أنني أدمنت قراءتك.
أيّ أديبة أنت وأية أسياخ تعدينها لتشوي عليها قلوبنا!!
صباحا قرأتك، لكنني أعتقد أن أيلول هو أول عهدنا بك. وفي أيلول مسراتنا ياسمراء.
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لي فترة طويلة لم أتذوق نص كهذا
سمراء.. تثيرين الريبة
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
سمرااااااااااااااااااااااااااااااااء..
سمراء يا حلم الطفولة يا منية النفس العليلة..
للمرة السادسة وأنا أحاول كتابة تعقيب لائق.. ولا أستطيع..
سوف أستمع لأغنية هيام يونس.. سمراء، ثم أعود إن شاءالله..
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
و تسألُ إن كنتُ سئمتُ فأهز رأسي : أنْ لا .
أرى في عينيْك آلاف الأسئلة و ترى فيّ جوابًا واحدًا فقط، أنني لغزٌ، و أن حياةً أخرى تختبيء خلف عينيّ، و دمعٌ آخر، و حكايات لا تتسع لها دفاترك .
تضمني و يكاد يشي بي الدمع قبل أن أخترع كذبة أنها انفلونزا عابرة لأننا في الصيفِ و لأن هواء المكيف يتعمدني أينما ذهبتُ، و تبتسم .. هكذا تفعلُ حين لا تصدقني و حين لا يكون من اللازم أن تحرجني أكثر، و الحياة كلها مُحرِجة حين توقِعنا في خطيئة " الكذب " على الدوام .
غابتِ الأسئلة فيّ عدا سؤال كبير - بحجم ما تُهدينا الأقدار من فجائع - : أين أنتَ ؟
ها أبكي أنا، و منذ أيلول لم يسألني أحد : لمَ تبكين ؟ حتى جارتي التي كانتْ تسبقني كلّ صباحٍ لتودعكَ و تُشعل فيّ فتيل الحُنقِ .. ما عادتْ تطرق بابي وقت الظهيرة لتسألني كيف تمضي ساعات الليلِ معكَ، و لم تعد سياط الغيرة لاسعةً في غيابك، ما عدتُ أكترث لكونها بيضاء مكتنزة و مبتسمة على الدوام، و أنا ذابلةٌ ناكسة رأسي كزهرةٍ توشك على الموت .
أحقـًا أحببتَ ذبولي و اصفرار عينيّ و هالاتي و أصابع قدميّ .. ؟!
لمَ كان عليك إذًا أن تخبرني كم ابتسامتها " جميلة "، و كم أنا " لا أبتسم " .. و كم أنا طوفان دمع و كم أشبه الوطن الـ يغصّ بالحزنِ ؟!
و لمَ غبتَ ؟
كنتُ سأغفر خياناتك الذكورية .. لولا أنك تغيب .
و لولا أنك .. لن تعود .
عُد، سأبرر كلّ شيءٍ .. بأن الرجل يموت غالبًا قبل أن يجرب الوفاء، و قبل أن يجرب الصدق .
ألا ترى أن حبـّه لا يكون إلا بكذبتيْن : حين يقول إنه لم يخن، و حين يقول إنه لم يكذب قط !
و نحن الإناث .. نبصرُ بقلوبنا و حسبْ، و أنا .. طفلتكَ، لا أهتمّ إن كنتَ صادقًا جدًا .. فكل شيءٌ يعيدني إليك، أنتَ الذي لا تنتهي فيّ أبدًا !
أقصّ أظافري و تحضر صورتك و أنت تتمثل الخوف :
- برفق ..
- هس طيب .. لا تتحرك .. لن أؤلمك .
و أتعمد أن أنزع جزءًا من اللحم الملتف حول ظفرِ إبهامك لتصرخ فيّ : أنتِ ساديّة !
أحبكَ أكثر حين تتألم، ثم حين تضحك، ثم حين تنتقم، أحب انتقامك إلا أن يأتي على شاكلة غياب، أحب يديك و السحر فيها، أخبرني فقط .. من يقلّم أظافرك الآن و حزنك و كتاباتك المعوجّة ؟
.. من يقبّل أصابعك ... ؟!
و
من يقول لكَ إنك شهيّ حين تتابع الأخبار و " المباريات " و الأكثر .. حين تكون نائمًا ؟!
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
الله عليك يا سمراء بصرااحة
كلمات حلوة بل روعة
اتمنى منك ان لا تحرمينا من ابداعاتك هذة
بالتوفيق ارق تحية
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
رغم طول نصوصك ياسمراء لكني لم أمل قرأتها
بل تمنيت أن تطول أكثر
سأبقى هنا وأنتظر المزيد من هذه الروعه
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
نصوص باذخة الروعة .
هطلتِ علينا كزخات المطر يا سمراء ..
بوح شفيف ،
وأنا متابعة بشغف .
أرق تحية
تثبيت للجمال
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
هاتي.. انا بخرج الرواية قبل طباعتها ..
بقدر انذهالي ، بقدر ما أشعرني انني مقصر جداً..
"عاش أيلول غرة في جبين الدهر".. استمري>>
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
صباحكَ نسكافيه، لاكوست، كحل عينيّ المتبقي من ليلة الأمس، شعري المتناثر بإهمال، تثاؤبي، و أطرافي الباردة .
يحملك الصباح إليّ، و يأخذ الكلمات مني، ثمة فكرة شاردة .. وددتُ لو أصطادها و أكتبها لكَ، تشبه أن أقول كما قال أحدهم في فيلمٍ ما : إن لم يتعلق المرء بالرغبات و الناس فلن ينفطر قلبه أبدًا، لكن هل سيكون حيًا ؟!
تساءلتُ هل يعني الحبّ بالضرورة أن نتألم و نتعلق و تسير الأيام ما بين فوضى الدهشة و رعشة الخوفِ و سكون الحزنِ ؟! و لمَ كان علينا أن نتشبث بالحياة إذًا و هي لا تكون إلا بهذا الشكل الفجّ ؟!
بقدر ما نطلبها .. تولي، و بقدر هيبتنا من الموتِ .. يأتي، و هكذا أنتَ بالضبط ! حياةٌ و موتٌ، شدّ و جذب، أريدكَ .. فترحل، و أكف عن انتظاركَ فتجيء، لا يخامرني النسيان إلا و قد اشتعلتَ فيّ أعواد ثقاب حارقة .
قلتُ لك يومًا – بيأس - :
أنتَ تحاصرني .
فقلتَ – بلؤم - :
و سأحتلّكِ !
و ها أنتَ اكتسحتني و استوطنتني مدينةً لن يكترث لاسمها التاريخ، فلمَ كان عليكَ أن تتركها و تمضي ؟!
بالأمس، في الخامسة مساءً، لم يكن ثمة شيءٌ فيّ غيركَ، و قبل أن أتساءل إن كنتُ لا أزال فيكَ، طـُرق البابُ بهدوءٍ و إلحاح، يستفزني أن يُطرق الباب في أوقاتِ خلوتي، و أوقاتي جميعها خلوة، لن تكون جارتي المنقطعة منذ غيابكَ، هي الآن تخشى أن أسرق منها زوجها العربيد، و لن يكون العمَ " سعيد " لأنه في بقالته، أهو أنتَ ؟! لاحظ أنك – رغم اليأس – تأتي ضمن الاحتمالات، و إن كنتَ آخر من أتوقع أن يجيء، لكنني ما زلتُ أتوقع، يا ربّ الأملِ .. اجعله هو .
بحذرٍ سرتُ و ببحة صوتي ..
- من
- ..
التزمتُ الصمت أيضًا، قبل أن يُطرق تارةً أخرى، بذات الهدوء .. و الحذرِ ربما !
- من ؟!
لا شيء، سوى خشخشة ورقةٍ .. تندس إليّ من أسفل البابِ، و كأن المسافة بيني و بين الورقةِ دهر !
تتخيلُ هذا ؟ أن يتناوشك ألف شعور في ذات الوقت : خوف، أمل، حذر، دهشة، قلق .. جميعها فيّ، و جميعها تجعلني أحاول أن أفتح الورقة بسرعةٍ و يؤخرني الارتباك .
رقم !
يخبرني الأمل أن للرقم علاقة بكَ، و أتعثر بحدسي الذي لا يخطيء، قبل أن أقرر الاتصال .
- مرحبًا
- أهلًا، اتصلتِ سريعًا، لم أتوقع .. صوتكِ ...
وقح !
العالم بأسره وقح حين يترك للآخرين سانحة الإيذاء و العبث .
أنتَ وقح حين تركتني لأواجه هذا كله ! وحيدةً إلا من أعين المتربصين بي خطيئة أو خطوة .
بكيتُ، لم يكنْ بكاء معتادًا، ثمة بُكاء وصفه محمد علوان :
( كأن كل شيء ترك مكانه، و راح يجوس فيها بركضٍ محموم، بجنون الثورة العصبية التي يتطلبها البكاء )
بالضبط، هذا البكاء فوضى عارمة، تسونامي غاضبة تعصف بالأماكن و تحرك كل شيء في غير اتجاهه .
هدأتُ ثم كرهتكَ، لعنتكَ في سرّي، أنت الذي رحلتَ دون أن تترك لي يدكَ كي أحتمي بها، أو وجهكَ لأرتديه حين أواجههم في الأسفل، هؤلاء المهوسوون بكل ما اتشح بالسواد، هؤلاء الذين لا يكتفون بالتنصتِ من بعيد و المراقبة عن كثب، بل يتظافرون مع الحياة لنخرج منها – نحن البائسون – دون حتى ذكرٍ حسَن .
أكرهكَ الآن .. هذا الكره شعور حادّ يمزقني جدًا .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
خيال خصب.. أديبة كبيرة.. مفكرة.. وووو..
لقد تألمت حقيقة لتلك النهاية المأساوية..
كنت أتوقع، منك العفو.. لكنك أبيت.. وهكذا دائماً انتن يا معشر النساء..
أو كما يقول المثل الشعبي اليمني "ضربني وبكي.. سبقني واشتكي"..
متى سيفيق الرجال من غفوتهم التي طالت.. ؟
دمت بود.. وعودي مسرورة (:
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
عادل الأحمدي
بـحر
الاكليل
محتار يا قمر
أسيل
عيون عربية
الاكليل مرةً أخرى " و سأعود لردك الأخير إن شاء الله "
شكرًا لأنكم تقرأون .
دمتم بخير على الدوام .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
شكرًا لأنكم تقرأون .
شكراً لانك تكتبين شيئاً مميزاً..
واعذرينا بدونا "بلداء" ..
دمت بود أيضاً.. وبانتظار جديد ما تبدعين ..
..
أو كما يقول بائع النعناع صالح عبده علي .. "حفظك الباري".. (:
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
سمراء
عُد، سأبرر كلّ شيءٍ .. بأن الرجل يموت غالبًا قبل أن يجرب الوفاء، و قبل أن يجرب الصدق .
ألا ترى أن حبـّه لا يكون إلا بكذبتيْن : حين يقول إنه لم يخن، و حين يقول إنه لم يكذب قط !
و نحن الإناث .. نبصرُ بقلوبنا و حسبْ، و أنا .. طفلتكَ، لا أهتمّ إن كنتَ صادقًا جدًا .. فكل شيءٌ يعيدني إليك، أنتَ الذي لا تنتهي فيّ أبدًا !
وصلت هنا وضحكت كثيراً.. تجلدين كل معشر الرجال لأن أحدهم هجرك..؟
تجعلين "الخيانة" عادة ذكورية..! بينما آدم-حينها- لم يجد حوله أنثى أخرى كي يخون حواء معها؟
على كل حال، تبريرك كرم ربما لا يستحقه من هجر دونما تبرير.
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
الاكـلـيـل
شكراً لانك تكتبين شيئاً مميزاً..
واعذرينا بدونا "بلداء" ..
دمت بود أيضاً.. وبانتظار جديد ما تبدعين ..
..
أو كما يقول بائع النعناع صالح عبده علي .. "حفظك الباري".. (:
لم تكن نهايةً يا إكليل، أما شعور الكرهِ في " الحبّ " فمؤقتٌ، و نتيجةٌ لاهتزازٍ نفسيٍّّ ما .
Quote:
Originally Posted by
بحــــر
وصلت هنا وضحكت كثيراً.. تجلدين كل معشر الرجال لأن أحدهم هجرك..؟
تجعلين "الخيانة" عادة ذكورية..! بينما آدم-حينها- لم يجد حوله أنثى أخرى كي يخون حواء معها؟
على كل حال، تبريرك كرم ربما لا يستحقه من هجر دونما تبرير.
الحب يعني أن يفقد الإنسان توازنه، رؤيته و بصره و بصيرته !
هو حالةٌ شعورية غير طبيعية نتحول معها إلى كائنات غير طبيعية تطلق العموميات و الأحكام المتطرفة إما إلى اليمين أو إلى اليسار .
تحية لكما .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لا تحدث الأشياء بإرادتنا .
لم آتِ بجديد ؟!
أعلم، فقط كنتُ أريد أن يُسند قلبي أمله على أن رحيلك لم يكن بإرادتك، و أنّ قوةً ما .. سماويّة أو أرضية .. جعلتك تبتعد .
لكنك سيّدي أخبرتني أننا بحاجة إلى التخفف من ثقل الحُبّ، و لم تُجب إن كان الرحيل يفي بالغرضِ .
تبسمتَ فقط .
- لا تبتسم ! بقدر ما يمنحني تبسم الآخرين طمأنينة .. يختلس تبسمك كل طمأنينتي، لم تبدو " غير الآخرين " أجبني ؟!
- لأنني أحبكِ !
- لا تطفيء أسئلتي .. أرجوك .
- حسنًا، اسأليني .
- " بليز " .. فيم تفكر بالضبط ؟
- الحبّ يجعل أحلامي هرِمة، و ثمة رحلة قادمة .
كعُمرٍ تكون بعض الثواني، أنتظر أن تقول إنك تمزح، أن تضحك بصوتٍ مرتفع و أنت ترى علامات التعجب تحتشد في عينيّ و الدمع يزاحمها المكان :
- كيف ؟ اشرح لي .. ! أين ستذهب ؟ دونما ألغاز .. !!
- لم أحدد الوجهة بعد، كنتُ أفكر في أنني بحاجةٍ إلى أن أخطط ليكون للحياة معنىً آخر، أنتِ تستنزفين عمري .
- متى ستعود ؟
- لا أملك إجابة الآن .
تصمت .. ثوانٍ، قبل أن تقول :
- ضعي في الحسبانِ أنني قد لا أعود .
- .....
يا ربي !
هذا يجعلني دومًا أترنح بين احتمالاتٍ و تنبؤات و أجتاز العمر برفقة أملٍ وحيد يتكسرُ يومًا بعد آخر .
- تعلمي كيف يمكن أن تبتسمي على الدوام .
- كأن شيئًا يختلس منّي الابتسامة .
- أنا ؟
- ربما .
- أحبك و أنتِ عابسة أيضًا .
- ..
- طيب .. قولي أحبكَ .
- ..
صغيرتكَ أنا، تتكسر كلمات الحُب في حضرتك، لكنه ينبعثُ من عينيّ، من رعشة يديّ، من صمتي، أنصتْ لصوتِ العاصفة داخلي فقط، ستخبرك كم أحبك، كم .. كم .. أتمنى أن تحدث معجزة كونية لأمتزج معك، و أستقر داخلك، ثم أموت .. أموت للأبد .
أفكر في كيف يمكن أن أقول لك هذا كله ..
- طيب .. " الله يخليك " ، دعني أدخل !
- أين ؟
- فيك !
- ههه، يا جنيتي ! تعالي .
آه من " تعالي "، من صوتك وعينيْك، منك حين تضحك، و حين لا تأتي .. و منّي حين لا أيأس، لو أن اليأس يأتي .. لو أنه يأتي فقط لأكف عن الانتظار، عن التربص بالعابرين، بأبواق السيارات .. بوقع الأقدام، برنين الجوال .
يا ربّ الآمال .. هبني اليأس !
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
أعلم، فقط كنتُ أريد أن يُسند قلبي أمله على أن رحيلك لم يكن بإرادتك، و أنّ قوةً ما .. سماويّة أو أرضية .. جعلتك تبتعد .
لكنك سيّدي أخبرتني أننا بحاجة إلى التخفف من ثقل الحُبّ، و لم تُجب إن كان الرحيل يفي بالغرضِ .
تبسمتَ فقط .
هنا مربط الفرس!!
كلما زدت .. كلما تألقت..
فقط أخبرك أنني هنا أقرأ أكثر من مرة، ولا جديد لدي لأقوله، سوى أنني اتابع بشغف ..
كوني بخير..
أو كما يقول الحاج صمام أمان ومؤخراً أبوعماد: جُمعة مباركة(:
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
- تحب أن يكون لنا طفلٌ ؟
- أخبرتكِ مرارًا أنكِ طفلتي و أنني رجلٌ بقلبٍ واحد، وأنكِ أستنفدتِ طاقاتي العاطفية كلها .
- لا تحب إذًا ؟
- ليس الآن .
- متى ؟
- حين أفرغ منكِ .
و ترحل قبل أن أعرف هل فرغتَ مني أم أفرغتك الأيام مني .
لم أفكر في أن يكون لي طفل، هذه الأمنياتُ الأكبر من قدراتي .. الأوسع من عمري، البعيدة بحيث لا أدركها .. لا يمكنني التفكير فيها بشكل جديّ، هذه الأمنيات التي تحدث للبعضِ صُدفة، دون أن يجدّوا في طلبها .. تكون في عُرف البعضِ الآخر من المستحيلات .
ياه من حياة لا شيء يستقيم فيها غير الوجع، العزاء أننا نتقاسمه بإنصاف .
لم أكن مشتاقةً للأمومة، أعني أنك لم تترك فيّ مساحةً كي أشتاق غيركَ .
لم أكترث له حين ماتَ قبل أن أراه، لكنني قلتُ الآن : لو أنّ صغيري عاشَ لأراكَ في عينيْه .
أخبرني .. لمَ لا تمارس الذاكرة ذات الأمر ؟ تمتليء بالآخرين ثم تجهِضهم ؟! كما أجهضتِ الهمومُ صغيري الذي امتلأتُ به خمسةَ أشهرٍ قبل أن يودّعني للأبد ؟!
تقول والدتي : حياتكِِ معه .. خطيئة، و لولا أن الله يحبكَ لكان لكِ منه ولد .
والدتي الطيبة تريد أن أبدأ من جديد، أن أزور المحاكم و أقطع المسافاتِ جيئة و ذهابًا كي أتخلص منك للأبد، و هيَ لا تعلم أن المشكلة .. في الداخلِ، في العُمق، حيثُ قلبي الذي لا يمكن أن يخلعكَ قضاة الدنيا منه .
- يا ماما يا روحي .. إنه غائب، لا يمكنني خلعه، عليّ أن أنتظر ثلاث سنوات حتى أرى، لعله يجيء يومًا .
تصرخ في وجهي :
- لن يجيء يا مغفلة، ربما هو ميّت الآن ! ربما تزوج غيركِ هناك، و لو عاد .. فلن يعود إليكَ، تعلمين جيدًا إلى أين سيعـود .
- ماما خلاص، لن يتزوج غيري، و لن يموت، سيعود إليّ .. هكذا يخبرني حدسي .
- إنا لله و إنا إليه راجعون .. كوالدكِ، عنيدة، رأسك يابس، هو هكذا منذ عرفته .. ليتكِ مثلي .. كنتُ ...
يا إلهي اجعل ماما تكفّ عن الحديث الذي يتكرر منذ تشكّل وعيي .
تحيدُ بي الحمّى عن مسارِ الإدراك دون أن تنقذني منكَ .
- " ليت التعب فيّ و لا فيك "
- لا .. بليز .. لا تقول كذا ..
- أنا رجل، أستطيع أن أتحمل، و أنتِ ..
- حمّى بسيطة، انظر .. أنا لا أرتجف .
أمد يديّ لكي ترى، أبتسم .. لكي لا ترى أنني على وشكِ البُكاء، تضمّني و تنشج .
- لولا أن البلاء قدَرٌ لقلتُ إنك لا تستحقين يا طفلتي .
- أنتَ استثنائيّ .
- لأنني أحبكِ .
يا رأفة الكونِ كيف تجتمعين في قلبِ رُجل ؟! هذا الزوج الحبيب الأمُ .. الذي يبكي أوجاع أنوثتي كل شهرٍ، كيف يتركني لوجعِ العمرِ كله ؟!
تعال، ثمة حمّى و حزنٌ و كابوس و " أمٌّ " تريد أن أُزفّ إلى غيركَ .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
يقــآل .. أن من يكتب" بوجع " فقد مر عليه " الفــرح " مــرات
ومن ادمن الوجـع فهو يشتــآق إلى ..الحــزن والفرح
اللــذان غادره منذ زمن بعيد
لكِ مني .. ارق وأعذب التحايــآ
..:40:..~
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
الاكـلـيـل
هنا مربط الفرس!!
كلما زدت .. كلما تألقت..
فقط أخبرك أنني هنا أقرأ أكثر من مرة، ولا جديد لدي لأقوله، سوى أنني اتابع بشغف ..
كوني بخير..
أو كما يقول الحاج صمام أمان ومؤخراً أبوعماد: جُمعة مباركة(:
علينا وعليكم .
Quote:
Originally Posted by
البتــول
يقــآل .. أن من يكتب" بوجع " فقد مر عليه " الفــرح " مــرات
ومن ادمن الوجـع فهو يشتــآق إلى ..الحــزن والفرح
اللــذان غادره منذ زمن بعيد
لكِ مني .. ارق وأعذب التحايــآ
..:40:..~
و لكِ :40:
دمتِ .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لم استمتع بقراءة اي كلمات كما استمتعت بقراءة حرفك
تلعثمت لسان وتعثر قلمي للرد على نقشك الجميل والرائع
امتعتينا اختي سمراء بكل حرف خطه قلمك
ساظل هنا متابعا بلهف وشوق لما تكتبية فلا تحرمينا من هذا السحر الجميل سحر القلوب والمشاعر
دمتي اخت سمراء بكل ود وتحية وتقدير
وتقبلي مروري
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لن يموت..!!
تتمردين على القدر ..!
لا بأس .. هذيان نشوة الحب
لا زلنا ننتشي من الكلمات
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
هذا المساءُ السادرُ في القلقِ يجعلني أقضم أظافري كفايةً، مختبئة تحتَ اللحافِ رغم حرارة الجوّ، و أقلب في " الجوال " لأقرأ رسائلكَ التي لم أتلهف يومًا لاستقبالها، أنت الذي لا تكتبُ إلا بشكلٍ بركانيٍّ ثائر، مختلفٌ تمامًا حين تكتب .. عنكَ حين تتحدث، أخبرتك يومًا أن الكتابة تشوّهك بقدرٍ كبير، و أنّ صوتك استحوذ على السحرِ جميعه .
- لذلك لا يمكن أن أكون كاتبًا ما .
- لا، لكنك لن تحظى بإعجاب أي شخص .
- حتى أنتِ ؟!
- لو عرفتكَ كاتبًا لما أحببتكَ .
يتكرر الحوار بأشكال متعددة، و يتحول إلى فرضيةٍ نقديةٍ نختلف عليها ! أقول لك إن الكلمات انعكاسٌ للداخلِ، مرآته، ما لا يمكن أن نكونه .. نكونه كتابةً، ما لا يمكننا قوله .. نقوله كتابةً، الكتابة صورة الآخر فينا، و تقول إن كل من يكتب بشكلٍ جميل فهو بشعٌ بالضرورة في واقعه، أضعكَ بين فكّيْ سؤالٍ :
- هل أكتب بشكل جميل ؟
- بالتأكيد .
- إذًا أنت تقصدني !
- لا لا .. لمَ كان عليكِ الفهم بهذا الشكل ؟!
- إذًا أنت تتحدث بشكل مغلوط أو أنك تتعمد إهانتي !
- لم أتعمد إهانتكِ، ثم إنني ضدّ ممارستكِ الكتابةَ !
هكذا حينَ لا يمكنك أن تكون صادقًا .. تضعني أمام قراراتٍ مفاجئة، مخارجُك أعرفها جيدًا، التفافاتكَ اعتدتها .
- لماذا ؟!
- الكتابة استعراض للداخل، ولا يمكن لزوجتي أن تعرض داخلها للآخرين، اكتبي لي فقط .
- أرأيت ؟ الكتابة عرضٌ للداخل، اعترف أنك مخطيء، ثم إن هذا تسلّط !
تتجاوز هزيمتك، أو ما ظننتُه هزيمةً، و تثير الفوضى :
- هذه غيرة ! أنا رجل، متى يمكن أن تفهمي أنني رجل ؟!
أصمتُ، رجل / امرأة، ذكر / أنثى، هذه العبثية لا تريد أن تنتهي، نفتعل الفوارق و نسيّر حياتنا على أساسها، منذ متى كانت الكتابة " عيبًا " لتُمنع منه الأنثى ؟ ما المطلوب من الأنثى أن تفعله غيرَ أن تكون تلك الضريرة، داخل الدائرة الحمراء .. دائرة الخطر، ممنوع الاقتراب، الإشارات التحذيرية تحيط بنا، من الداخل ثمة إشارات أيضًا، مناطق لا يمكن أن نعبرها فينا، كنتُ أتنهد صغيرةً .. فيصرخ والدي : ما بكِ ؟ عاشقة ؟!
لم أكن أفهم سبب ربطه غير المنطقي، ما علاقة أن أطلق زفرة تعبٍ حرّى تنبعث من الجزء الأيسر من صدري .. بإمكانية أن أكون عاشقة ؟!
معنى هذا ألا أعبر من جانب قلبي، تلك المنطقة الخطرة، ثمة لغم يخشى والدي أن ينفجر حين أضع قدمي عليه .. لذلك حين أشعر بوخزٍ مؤلمٍ فيه فعليّ ألا أقول : آه .
أكمل السخطَ داخلي، أصنع حوارًا آخر لا ينتهي و أهذبه قدر ما أستطيع، أشطب ما تقوله حينًا و ما أقوله أحيانًا أخرى، و يسير الأمر بسلاسة .
لغة العقلِ و الفرضيات و النظريات، تتركُ أحدنا غاضبًا، الحوار .. الشيء الذي لا نتقنه، يتحول – رغم تفاهة الموضوع – إلى مشكلة، أحدنا يجذب .. و الآخر يجذبُ أيضًا، لفرطِ ما نتشابه .. يتنامى اختلافنا و يتوسع ثمّ نلجأ للعاطفة كحلٍّ مثاليٍّ لردم الهوّة الواسعة .
- أنا أحبكِ، لا ينبغي أن يحدث هذا بيننا .
- لا تحبني، لا يمكن للحبّ أن يكون قيدًا .. انظر أنا لا أقيّدك، أترك لك متسعًا من الحياةِ خارج حدودي، و أنت ..
- أنا أترك لك حرية فعل أي شيءٍ دون أن يمسّ غيرتي ! هذا شرطي الوحيد !
- .. أنت تقتلني ببطء .
- لماذا لا يمكن أن تكتبي و أقرأ لك أنا ؟!
- ليس من العدلِ أن يكون قارئي واحدًا فقط .
- حسنًا، اكتبي لكن بشروط ..
و تملي عليّ شروطكَ؛ ثم أقرر مع نفسي ألا أكتب إطلاقًا .. و تغيب؛ فأكتبكَ بشروطكَ و إملاءاتك .. و إشاراتك الحمراء .
كم أحبكَ و أنت حاضرٌ فيَّ رغم الغيابِ .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
مـَا شاء الله !
مررت مرور بائع على قوم ٍ لم يشتروآ منة شىء ً
ساعـُود لأحتسي من جميل بوحَك !
دمتِ تالقاً =)
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
يقولون إنك ذهبتَ لتموت، أحقًا ؟ جميعنا نسير صوبَ الفناءِ، ما الذي جعلك تتعجل الخطو إذًا ؟ لمَ لمْ تترك الأمر لله ؟ لمَ أدخلتني في حياتك و قد أضمرتَ ألا تعيشَ برفقتي أكثر من عاميْن ؟
لا أحد يعرف مرافئك، مدنكَ، سماؤك .. أشياؤك الصغيرة .. سواي، لا أحد يعرفك على الإطلاق، لذلك أقول لهم إنك ذهبتَ لتجربَ حياة أخرى، أنت المهووس بالتجربة .. لم تكن يائسًا إلى الحدّ الذي يجعلك تريد الموت، لم تكن حزينًا بقدرٍٍ تُرخص معه روحك، لم تكن رثَّ القلبِ و لا ميّت الشعور حتى يصبح الموتُ حلمًا من أحلامكَ الكبيرة .
أستسلمُ لأشياء جمّة، لإرادة اللهِ حينَ تتجلى في قدرٍ ما، لكني لا أستسلم لفكرة أن تفعل هذا بإرادتك، أن تتفرد بالقرار وحدك دون أن تكترث لإنسانةٍ تشاطرك حياتك و أحلامكَ و .. تتركها للفراغ، للهواء، للحزن يقوّس أحلامها، للموتِ يرسم حول عينيْها دوائره السوداء .. تنتظركَ كل ليلةٍ بوهنٍ، و أملٍ يقضمُ بعضه .. و لا تأتي .
لو أنكَ تخلصتَ مني بشكلٍ أكثر رأفة، لو أنكَ جعلتني أكرهكَ قبل أن تذهب، لو أنكَ ..
لو ..
لو ..
هذه الـ " لو " تنسفني .
لماذا ... يا الله .
لم يكن من اللائقِ أن تتركني لجحيم الدنيا هذا لأنك تريد جنة الآخرة .
لم يكن من اللائق أن تكون أنانيًا لهذا الحدّ .
..
أنا " الجزءُ " منكَ كما كنتَ تقول، أنا " أنتَ "، يديكَ، قلبكَ و معطفكَ و أشياؤك الأثيرة، أنا الذاكرة و الوطن و الجنّة، إلى أين أمضي بيَ الآن و قد أُثقِلتُ بكَ ؟
ستعود، سأخبرك أنك أنانيٌّ و أن اللهَ عادلٌ جدًا .
أثق بالعودةِ .
..
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
سوف اتابع بشوق للبقية
سلمت يمناك لما تكتبية
تحياتي
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
رغم كل ما يفعله بنا غيابكَ، لا أحد ساخطٌ منكَ سوى والدتي، والدي المتجهم على الدوام .. يقول : " الله يذكره بالخير "، والدي لا يذكر أحدًا بالخير على الإطلاق، يوزع لعناته على الرئيس و الوطنِ و الغربةِ و رجال الأمن و الجوازات و عُمال النظافة و إمام المسجد أيضًا، يوزعها بالتساوي فهم جميعًا - في نظره -ذباب مزعج لكنه يذكرك بالخير .
يقول : كم كان عظيمًا، كم كان صادقًا .. كم كان " نادرًا " .
تستفزني هذه الـ " كان "، تشعرني أنك لم تعد ضمن الأحياء، فينطلق لسان والدتي : عظيم ؟ و هم كل يومٍ يستدعونك للسؤال و التحقيق و ..
- لو أعرف طريقًا له لما أخبرت أولئك الكـ ..، لو كان موجودًا لخبأته منهم في عينيّ .
أبتسم، للمرة الأولى أفعل، أكاد أقول : لا بابا، سأخبئه أنا في عينيّ .
و تمضي الأيام، ما بين الانتظار و .. الانتظار، جربتَ هذا الشعور ؟ أن تكون متربصًا منتظرًا واقفًا على الدوام أمام الشرفة تبحث عن وجهٍ تعرفه أو وجهٍ لا تعرفه يحمل بين يديه رسالةً أو خبرًا ؟
لا أعلم ما الأشد نكاية .. أن أنتظرك العمر بأكمله أم يجيء خبر وفاتك فأتوقف عن الانتظار ؟!
أخشى أن يجرفني النسيان بعيدًا عن مدنكَ و أسيرُ دونما ذاكرة في مدنٍ لا تعرفني، أخشى أن أموت، أنا المتشبثة بالحياة لأجلك فقط، لأجل أن أصلي و أطلب من الله أن تعود، لأجل أن تأتي و يستكين هذا الوجعُ في رأسي، مُذ غبتَ و أنا أواجهه بالمسكنات و يواجهني بالعصيانِ، ثمة عالمٌ آخر بداخله، كائنات لا أعرفها تزمجر .. تصفق دفتيْ الباب، شيءٌ يشبه " معمل النجارة "، ألمٌ يا رفيقي يجعلني أرى ملائكة الموتِ ترفرف فوق رأسي، أكاد أقول لها : تأخري، حتى يعود، حتى أراه مرةً أخيرة ثم خذيني للجنة، سئمتُ الحياة .
تقول صديقتي :
أنتِ تذبلين بشكلٍ مُلفت، ليس الحزن وحده يفعل بكِ هذا، راجعي المستشفى، ربما فقر دم .
لا يا صديقة، فقرُ حياة .
الحياة تنسلُّ من عروقي ببطء.
أحتاج إلى " تبرع بالحياة " لأكون على ما يُرام !
..
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
رآآآآآئع وتستمر القراءة حتى النهاية !!
أعذب تحية
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
الأخت أحياناً تذكرني بكتاب وأدباء كبار كإيمان عيّاد.. وكثير جداً
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
في السماء تغفو الأمنيات .
اجعلها تستيقظ يا ربّ و تتساقطُ مطرًا على قلبي الذي أجدب لفرطِ ما انتظر .
قرّب يا الله ما بيني و بين الشرق ففيه كل الحكاية و الرواية و القصائد و أغنياتِ الصبا و أحلام الطفولة، و الوطن .
تموت اللغة بين شفتيّ، و تذبلُ أصابعي، الكتابةُ وجع، حزنٌ يمتدّ من أول الأبجدية حتى منتهاها، الكتابة تعيد بعثكَ كلما أزمعتَ على الموتِ، عامان يا رفيقي .. لا شيء سوى اتصالٌ يتيم يخبرني أنكَ في أفضل حال، و أنك مقبلٌ على أشياء تستوجب مني أن أدعو لكَ، يأتيني الصوت من بعيد، من نقاط خارج الكون، أنتِ زوجته، هو بخير، .. طنين، لربما كان الطنينُ في رأسي، ادعي له .. تتوقف أنفاسي، أتخيل أنه سيقول : بالرحمة، لكنه يستدرك : بالتوفيق .
التوفيق في ماذا ؟ في الموتِ ؟ في أن تقتلني بعد أن تطير صوب الجنة ؟! في أن تحرق عمري و تترك رماده للهواء ؟!
أنتفض كعصفورٍ بلله القطر .. أحاول أن أقول : قل له إنني مشتاقة و حزينة، و بيني و بين الموت مسافة حرف .
و لا أقول شيئًا .
و لا أدري، هل وُفقتَ في الرحيلِ ؟!
يقولون إن المنام يهدينا أحلامًا عن الموتى، غيرَ أني لم أركَ يومًا في منامي، لم أركَ في السماءِ تبتسم و قد أحطن بك حوريات الجنة، و لا أراك في الأرض تثغب جراحكَ دمًا.. أراكَ فقط حين أصحو، بجانبي تقول : هيا، استيقظي يا كسولة .
أراكَ في المطبخ، تبحث عن إبريق الشاي، و في غرفة الجلوس .. تقلب القنوات، تتابع الأخبار، تستلقي على ظهركَ لترى المباريات، تناديني من بعيــد : بنــت .. ليه قناة 2 موجودة ؟! فأكذب و أقول إنها تظهر دونما برمجة، و تعرف أنني أكذب، و تعرف كم أنا مهووسة بالأفلام .. :
- يا صغيرتي يا مشاكسة لا تكذبي .
- طيب بس الله يخليك لا تحذفها، طفش .. بعدين أفلامهم محترمة، مش زي الأفلام المصرية ..
و أفلسف لك الفروقات، ثم تكتشف أنني أتابع الأفلام جميعًا المصرية و الأجنبية و الهندية .. و تضحك بشدة، ما زلتُ أسمع ضحكاتكَ، و أراك واقفًا أمامي .. و أراني أرتمي في حضنكَ .. أدسّ وجهي في صدركَ كي لا ترى كم أنا مُحرجة لأنني لا أجيد الكذب .
الحياة دونكَ تشبه الموت، لا فرق سوى أنني أتنفس، و أن أخطبوطًا يضرب بأطرافه في جدران رأسي، و أنني أتقيأ مرارًا .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
الاكـلـيـل
الأخت أحياناً تذكرني بكتاب وأدباء كبار كإيمان عيّاد.. وكثير جداً
إيمان عيّاد كاتبة ؟! لم أسمع بهذا الاسم من قبل .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
سمراء
إيمان عيّاد كاتبة ؟! لم أسمع بهذا الاسم من قبل .
عفواً ما كان علي الاستشهاد أصلا.. كل ما أريد قوله هو انني أتابع(:
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
الاكـلـيـل
عفواً ما كان علي الاستشهاد أصلا.. كل ما أريد قوله هو انني أتابع(:
بالنسبة لسؤالك .. : لا .
شكرًا للمتابعة .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
سمراء
أحتاج إلى " تبرع بالحياة " لأكون على ما يُرام !
قد يتبرع المتبرع بالمال .. أو بالدم .. أو بالحنان..
لكن أن يتبرع الانسان بالحياة ..!!
كذب.. فلا تطلقوا الأمل وحافظوا على ما تبقى من حياتكم.
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
Quote:
Originally Posted by
بحــــر
قد يتبرع المتبرع بالمال .. أو بالدم .. أو بالحنان..
لكن أن يتبرع الانسان بالحياة ..!!
كذب.. فلا تطلقوا الأمل وحافظوا على ما تبقى من حياتكم.
لا أحد سيمنحنا الحياة بكل تأكيد، و بالتالي لا يمكن أن نكون على ما يُرام و جزءٌ منا غائبٌ .
و كما تعلم .. الحياة لا تعني بالضرورة أن نتنفس و تضخ العضلة الدمَ و غير ذلك، ثمة معانٍ أوسع كأن نشعر بجدوانا مثلا !
شكرًا للحضور العميق .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
اكثر من مره افكر برد لأضعه هنا
تخذلني تعابيري امام تعابيرك الأخاذه
عزيزتي سمــــــراء
عندما اقراء لك هنـا استمتع بكل حرف تخطيه
واعود بلهفه لاجد بقيه القصه
لا تبخلي علينا بالبقيه
كلما اقراء لك اتذكر كل روايه سبق وقرأتها
وكل نص استمتعت به
شكرا لك على مشاركتنا ما تكتبيه
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لم أخبركَ أنني خرجتُ أخيرًا للعمل ؟ منذ شهريْن فقط .
سأكتب لك دون مراجعة :
اخترتُ أن أعمل صباحًا في مدرسة خاصّة براتبٍ ضئيل، عفوًا .. لم أختر أنا، هكذا حدثت الأمور :
تتصل والدتي و تخبرني أن صديقتها أصبحتْ مديرةً لمدرسة زوجِ صديقتها، الأمر غير مرتب، أعلم، لكن هذا ما حدث و وجدتني فجأة أوافق، و فجأة أعمل بآليةٍ مفرطة، أستيقظ صباحًا .. أستحم سريعًا، أجفف شعري بإهمال، أمرر الكحل على عينيّ في عُجالة، أرطب شفتيّ، كل هذا و القهوة تغلي على النار، أشرب فنجاني ثم أنزل سريعًا من الدرج، المصعد معطّل، و حارس العمارة سافر منذ ثلاثة أشهر إلى الهند، لم يعد، لماذا صار الغياب آفة ؟! يذهب الجميع ثم لا يعودون و نبقى نحن في مواجهةٍ مع الانتظار، خلال " النصف ساعة " التي هي المسافة ما بين المنزل و المدرسة، أقضم شفتيّ، و أحاول أن أرتبني من الداخل قدر الإمكان، أهدأ تدريجيًا، أصفق باب السيارةِ دونما شعور، أمشي بسرعةٍ أقلّ .. ثم ببطء حتى أدخل ساحة المدرسة الضيّقة، و أعيش دورًا آخر .
أحببتُ طالباتي، و لكن ليس إلى حدّ كبير، الرفاهية تجعلهن أكثر طيشًا، و الحزن يجعلني أكثر صمتًا، و هكذا يصطدم صمتي بطيشهنّ لولا أني أبتسمُ و أخبرهنّ أنّ المهم في المقام الأول : التحصيل العلمي، و أنني أحب أن أستقبل رسائلهنّ الملونة لكنها لا تكفي ما لمْ ألمسُ تحسنًا على المستوى الأخلاقيّ ثم الدراسيّ، لا أدري ما هذا الدور الذي أمارسه، لكنني أشعر بالراحة في كلّ الأحوال لولا الزلزال الذي يضرب رأسي كل ساعتيْن .
تقول صديقتي :
- ستموتين .
أضع لها الإجابة - كورقةٍ غير مهمّة على طاولة - :
- متى ؟
ثم أذهب .
في أوقاتٍ كثيرة شعرتُ أن الحياة ينبغي أن تتوقف عند هذا الحدّ، حينما أخبرتني طالبة مثلًا أن والدها يعتدي عليها .
أخبرني ما الجدوى من الحياة ؟!
في مجتمعٍ يُفرط في تصنع المثالية يحدث هذا، أسألها بأسى : أمكِ أين هي ؟ مطلقة، أخوك ؟ لا يدخل المنزل، جدتك ؟ خالك ؟ جدك ؟ أي أحد ؟ الله لا يغلق الأبواب جميعها، ثمة باب مفتوح، ابحثي عنه، لا يمكنني فعل أكثر من هذا، منهكة بما فيه الكفاية، والدكِ مسؤول و أنا غريبةٌ وحيدة تحيط بيَ الشكوك و تتربص بي الأعين و ليس بوسعي المجازفة بالقليل الذي أملك، ثم تنسلّ دمعة جاهدتُ كيلا تفعل دونما جدوى، و يشتدّ الطرق في رأسي .
- أبلة أنا آسفة إذا أزعجتك .
- لا، الحياة هي المزعجة فقط .
بعدكَ، عرفتُ كم هي مزعجة، و كم أنني أدفع ضريبة ما عشتُ من أيامٍ جميلة برفقتك، و كم " أنّ القادم أسوأ " .
اللغة مشوّهة هذا اليوم .. بقدرٍ بالغ .
-
رد: مرّ يومي فارغـــًا منكَ ..
لا جديد سوى أن الجمود يلتهم أصابعي و يتمدد في جسدي ليصل إلى عينيّ فأبدو أكثر غرابةً و عجزًا عن الحديثِ ثمّ الكتابة، هذا الجسر الذي يصل بيني و بيني، بيني و بينك، بيني و بين الأمل، يكاد يتهدم، لغتي تتهشم، كما هي الأشياء جميعًا فيَّ، ثقتي في الآخرين و في الحياة و في المرايا، و لا شيء يزيح الانكسار و الرغبة في الرحيلِ، حتى دهشة الآخرين حين تأتي على صورةٍ كانتْ ستثيرَ غرور الأنثى فيّ لولا أن الهرم يسكنني تمامًا و الزهد أيضًا، و العمر يستبق بعضه حتى لكأني أُساق إلى مقصلة .
هل حدث لليأسِ أن سكنكَ بهذا الشكل الصلف و العاصف ؟
كنتُ أتساءل لو أن فرصة اختيار الحياة من عدمها ممكنة، ماذا كنتُ سأختار، و " تدوّخني " الإجابات، أنا التي تتوسدها الحياة قسرًا، تثيرني فكرة الموت، التوقف عن الانتظار و التوجس و طرح التوقعات، أن أموت .. خيرٌ من أن تذبل أوراق العمر بين توقعيْن : أن تجيء أو لا تجيء .
قلبك لم يكترثْ بالهزّة التي خلفها قرارك، ما زالت تضربني بقسوة، .. لماذا عليّ إذًا أن أظل على موعدٍ ما معَ من تركني للرياحِ و اختفى ؟
يحدث أن نكون أنانيين، أن نتوقع أننا نفعل الجيّد و المُفترض و الواجب، يحدث أن نبرر لأنفسنا ما نرتكبه، لكن أن تستمر الأنانية في شكلٍ يمنحها قداسةً و عُلوًا ؟! ألا يخالجنا شعورٌ بالذنب، ألا نفكر في أن أحدًا ما .. في مكانٍ ما .. يحتضر، تحتشد فوق رأسه خيبات الكون كاملة و يقف أمام مصيرٍ واحد، مصيرٍ لا يقبل أن يتجزأ، أن يتحول لخيارٍ ممكن ؟!
هذا لؤم يا رفيقي الراحل للجنة، هل سيغفر الله لك ؟ هل تتوقع أن الله سيفعل ؟ أنه لن يبالي بي ؟! بحياتي التي جعلتها لا تتسع لاحتمالاتٍ أخرى .. غير الانتظار ؟
يوهنني هذا الصّداع الذي يستيقظ معي صباحًا، يتحول إلى يدين حديديتيْن تضغط رأسي بقسوة، تتماوج الصور أمام عينيّ و تتداخل، يا إلهي من أدخلني في كومة الضبابِ هذه، أعصب رأسي دون جدوى، أقرر ألا أذهب للعمل، أتحاملُ حتى أصل للقهوة .. لا أعلم كم وضعتُ ملعقةً من السكر، لكنها مُرّة، تنسكبُ في حلقي كعلقم، ثم تتحول لقيءٍ يتناثر بين أصابع يديّ.
ثم يرنّ جوالي، هل قلبُ الأمّ يستشعر فعلا ؟ لطالما كذبتُ هذا القول، الصدفة فقط تلعب دورها، لكن صوتها جاءني خائفًا مرتجفًا :
- بنتي، ايش فيك ؟
- ماما أنا بخير، الحمد لله، ايش فيك انتِ ؟
تتزاحم الجُمل في فمها :
- صوتك .. ؟! قمت من النوم مفزوعة، أنا خائفة عليك، كابوس ..
أحاول – عبثًا – تهدئتها، و أخبرها أنه رشح بسيط، و أنني لن أذهب للعمل هذا الأسبوع، أدفع إصرار أسئلتها بمحاولة الضحك و طمأنتها .
- لو أنك تأتين عندنا ..
- صعب ماما .
الصعبُ أن أواجه المجتمع، أن أتعثر بالشفقة في أعين بعضهن و السخرية في أعين البقية، المزاحمة، الإشكالات التي لا تنتهي، أنني " فارغة " و " تركني زوجني ليتزوج من هناك " ... !
أشكركَ دائمًا لأنك تركتَ لي هذه الشقة الصغيرة، كأنك تنبأتَ بما يمكن أن يحدث فقررت أن تحفظ ما يمكن أن يتبقى من كبريائي، لا تعلم إلى أي حدّ تصل الحماقة بنا نحن الإناث، أن تغار الزوجة من شقيقة زوجها، أن تستهدف إحداهنّ الأخرى، أن تُختصر الحياة كلها في " قالت و قلنا " .
أستحضرك الآن :
- لا أحب أن تكوني مثلهنّ .
- هل كنتُ مثلهن يومًا ؟
- لا، أخاف أن تتغيري .
- لا تقلق، لطالما وددتُ أن أكون شيئًا غير أن أكون أنثى .
- رجل ؟
- لا، ورقة مثلا، أو طاولة في مقهى .
- و قلبَ رجل ؟
و قبل أن أقول : لا، تهمس في أذنيّ :
- أنتِ قلبي .
قلبك ؟!
لذلك تركتني و ذهبتَ لتموت ؟!
تعال الآن، نبضُ قلبكَ يتباطأ .. يتباطأ " جدًا " .