طفولة
بقلمي/ عمر محمد إسماعيل
سقاك الإله طفولة عمري
ذهبتِ.. وليتك لم تذهبي
حملت الحقائب عني بعيدا
ولم تخبريني عن السببِ
تركتي وراء الجراح صبيا يناديك في ليله المرعب ِ
تركتيه يكبر من دون نهد ويشقى بدنيا من التعبِ
سنين الطفولة كيف رحلت ؟
ولم تلقي بالاً لحزن الصبي
خذيني لعهدي الجميل لطهري
فإني احن إلى لُعبي
للمسة أمي تدلل شعري
لسيري فخورا جوار أبي
لجدتي تلك العجوز مساء
تقص علينا حياة النبي
لهرة منزلنا الكسلى تغفوا
طوال النهار إلى جانبي
لمدرسةٍ قد تربعت فيها
أميراً على المقعد الخشبي
لأستاذتي في العلوم لعطف ٍتدفق من قلبها الطيبِ
لحمل الحقيبة ترهق ظهري بوزن الدفاتر والكتبِ
خذيني إليك.. طفولة عمري
إلى ذلك المهد في (شرعبِ)
إلى قرية الأنبياء خذيني
أريح على صدرها مركبي
إلى جنة الله في الأرض حتى
أشكل من طينها كوكبي
وراء الزمان خذيني بعيدا عن الحرب عن عالم الكذبِ
إلى موسم الأغنيات خذيني إلى حقل قريتنا المعشبِ
احن لتلك البلاد خذيني إلى مسرح الحب والطربِ
احن لتلك ألليالي لدفءٍ تتطاير من موقد الحطبِ
لعهد السذاجة في كل شيء لجمع (الزراقيف) في علبي
لفتح الهدايا
لأثواب عيدٍ
لوضع السكاكر في أجيبي
احن لجمع النجوم بكفي وللركض والقفز كالأرنب ِ
لنخل تسلقتها ذات يوم لحمل الحصاد على منكبي
لجمع الفراشات والورد فجراً
لصيد العصافير في المغربِ
لقصر من الطين صار ركاما يلخص عهد الأمير الصبي
لرمل ترسب في كم ثوبي وأصبح كحلا على هدبي
لصوت( الطماش)
لعود ثقابٍِ
لحرق الإطارات باللهبِ
لخربشبة بالطباشير اخفي بها خوفي من عالمي العربي
لليلة عيده تؤرق عيني ويلدغني الوقت بالعقربِ
سلامٌ.. رفاق الطفولة إني
احن إلى عصرنا الذهبي
لقيس على باب داري صباحا
يناديني حيا على اللعبِ
(لطه) يقاسمني لوح حلوى
وأعطيه شيء من العنبِ
لسر ٍهمسته في أذنِ (عمروٍ)
لسير( صلاح) إلى جانبي
ليومٍ برفقةِ( ليلى) جميلٌ
لعشقٍ بريءٍ مع (زينبِ)
لتلك البراءة تنعش قلبي
لتلك الشقاوة تعصف بي
فكم كنا نخرج للحي كنا فريق تفنن بالشغبِ
وراء الأزقة نعلوا ضجيجاً
ونُحيي الشوارع بالصخبِ
نحطم نافذة الجار (سعد)
فيصرخ من شدة الغضبِ
ويخرج من داره مثل وحش
فيرعبنا وجهه العصبي
نفكر بالاعتذار لننجو
ولا نلقى حلا سوا الهـربِ
سلام رفاق الطفولة إني
احن إلى عصرنا الذهبي
صغارُ فتحنا الفضاء لنجري
وراء النيازك والشهبِ
نشيد عالمنا الخاص نبني
من الضوء جسرا إلى السحبِ
نهندس بالطين والسعف حصنا
ونبني جيوشاً بلا رتبِ
نخوض المعارك دون نزيفٍ
ولا خوف من سيفنا الخشبي
****
رفاق الطفولة لا تسألوني_ إذا ما تغيرت_ ما حل بي
رفاق الطفولة لا تعذلوني
فلن يرجع العذل ذاك الصبي
(شرعب) .....قرية في تعز ...مسقط رأسي