رؤية لمستقبل حضرموت (10): فك ارتباط القضية الحضرمية من القضية الجنوبية

رؤية لمستقبل حضرموت (10): فك ارتباط القضية الحضرمية من القضية الجنوبية

--------------------------------------------------------------------------------

م/ بدر باسلمة..6/10/2011

فترات الضياع
منذ أن تم ضم حضرموت في عام 1967م إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وحتى الآن, طمست هويتها لتصبح المحافظة الخامسة وليعاد لها اسمها في جزء منها في دولة الوحدة اليمنية دون محتوى أو هوية أو حقوق.
قدم النخبة السياسية الحضرمية حضرموت وثرواتها قربانا للجنوب وللقضية الجنوبية, قدموها بإخلاص وتفان للقضية الجنوبية دون التفكير للحظة واحدة فيما إذا كانت حضرموت وأبناءها لديهم حقوق, لديهم مطالب ولديهم حلم ظل مدفونا طوال العقود الخمسة الأخيرة, كل ما تملك حضرموت من اجل القضية الجنوبية, التي تجاهر بان الشمال نهب ثرواتها, مع أن في الحقيقة هذه الثروات ليست إلا ثروات حضرموت, ولكن في الواقع سلبت حضرموت من حقوقها وثرواتها لصالح القضية الجنوبية, بحجة أن أبناء الجنوب يناضلون منذ سنوات وقدموا الأرواح والدماء وحضرموت كونها بقيت صامته, فهي لهذا لا تستحق أي حقوق لها.
لقد عانت حضرموت كثيرا من سطوة الحزب الواحد في الجنوب, تأميم ممتلكات الناس, السياسات الاقتصادية المنغلقة, قتل القطاع الخاص والمبادرات الفردية وانعدام حرية الرأي والتعبير وغيرها من الممارسات التي غرست الكره لهذا النظام حتى الآن, كما عانت في ظل دولة الوحدة من نهب لثرواتها وتهميش أبنائها وسلطة وجبروت النظام القبلي العسكري في الشمال وسعا النظامان في الجنوب والشمال كل بأسلوبه وطريقته إلى تدمير الهوية والإنسان الحضرمي ونهب ثرواته.
سلبت رؤية القاهرة للقضية الجنوبية حقوق حضرموت, اقترحت الفدرالية بين الجنوب والشمال بينما الجنوب تحت حكم مركزي, والاتجاهات الاخرى لمعالجة القضية الجنوبية لا تخرج عن هذا السياق في التعامل مع حقوق حضرموت ولو حاول البعض اعطاءها بعض الحقوق يتم ذلك بحياء وبشكل غير واضح, أي ان ارض وثروات حضرموت ملك للقضية الجنوبية, ولتبقى حضرموت تابعة مرة اخرى لحكومة عدن ممنوع الاستفسار عن شكل نظام الحكم المطلوب للجنوب مستقبلا والاتفاق على ما هي حقوق حضرموت في أي تسويات مستقبلية, المهم ان تجر حضرموت الى مصيرها في تبعية وخدمة القضية الجنوبية, القضية الجنوبية أولا, وكأن النظام في الجنوب كان مثالا جيدا يذكره ابناء حضرموت بأطيب الذكريات وحقق لهم انجازات تنموية كبيرة.
جذور القضية الحضرمية
تمثل حضرموت - بلاد الأحقاف وأمة عاد الأولى ونبيها المرسل هود عليه الصلاة والسلام أول نبي عربي مرسل- تمثل أهم مناطق شبه جزيرة العرب لتميز حضاري موغل في القدم حيث ذكرت في أكثر من 17 موضعا من القرآن العظيم ووصفت من فوق سبع سماوات بـ"عاد الأولى" و"التي لم يخلق مثلها في البلاد" صدق الله العظيم, ولم تذكر الأحقاف ولا نبيها هود في التوراة وغيرها من الكتب السماوية وانفراد القرآن العظيم بذكرها وجه من وجوه الإعجاز التاريخي بحيث لا تجد مصدرا لهذه الأخبار إلا في القرآن العظيم والذي لم يذكر حضرموت بل ذكرت في التوراة (ورد ذكر حضرموت في الإصحاح العاشر من سفر التكوين في التوراة).
ولا شك أن الدور الذي قامت به القبائل الحضرمية المختلفة في نشر الدعوة الإسلامية في العلم الإسلامي يعود الفضل فيه إلى هجرات جماعية لتلك القبائل الحضرمية أعقاب الفتح الإسلامي إلى أنحاء مختلفة من العالم كمصر والعراق والأندلس الخ ثم هجراتها وعودة بعض منها مع قبائل أخرى إلى حضرموت في القرن أل 3 و4 هـ ثم هجرات تلك القبائل من حضرموت إلى بلدان العالم الإسلامي جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا والحبشة والصومال في تلك الفترة.
وإبان الاستعمار البريطاني لجنوب الجزيرة العربية ولأغراض إدارية وبشكل غير رسمي تم تقسيم الجنوب إلى المحمية الشرقية (وبها مستشار بريطاني للشؤون السياسية مقره السلطنة القعيطية في المكلا في الفترة من 1937 إلى 1967)، والمحمية الغربية (وبها مستشار بريطاني للشؤون السياسية مقره سلطنة لحج من 1 أبريل 1937 إلى 1967) وذلك لفصل الإدارة, والمتفحص للنظام السياسي في المحميات حينها سيجد انها تجسد نظاما فدراليا واضحا وخصوصا المحمية الشرقية التي لعلبت فيها مدينة المكلا دورا واضحا كعاصمة فدرالية للمحمية الشرقية.
المحمية الشرقية:
- السلطنة القعيطية "المكلا - حضرموت"
- السلطنة الكثيرية "سيئون- حضرموت"
- سلطنة المهرة في قشن وسقطرة
- سلطنة الواحدي في بالحاف
وبين حلم ابناء حضرموت القديم والجديد بتكوين دولتهم حضرموت ورغبتها في المشاركة في بناء الامة العربية الاسلامية خاضت حضرموت تجارب عدة في القرن الاخيرة بدأ بتشكيل المحمية الشرقية وقد كانت احدى افضل التجارب الباقية في ذاكرة الحضارمة, الاندماج في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي تجربة ماتت فيها فكرة القومية العربية وتعرض المجتمع الحضرمي وهويته للتشويه وقياداته وعلمائه للإبادة وبدون حسابات دقيقة ومحسوبة تجد حضرموت نفسها ضمن الجمهورية اليمنية كمحافظة حضرموت من أكبر المحافظات المنتجة للنفط حيث تنتج ما نسبته 70% من إجمالي إنتاج الجمهورية وبالرغم من هذه المساهمة الكبيرة لحضرموت في اجمالي الناتج الوطني الا ان مردود هذا القطاع على ابنائه يكاد لا يذكر, نهبت ثرواتها, همش دورها واصبح الانسان الحضرمي في صراع داخلي لشعوره بتميزه وامتلاكه لهوية ولمقومات وثروات كبيرة لو امتلك الحرية في ادارتها لجعل من حضرموت من ارقى الدول في الجزيرة العربية هذا الشعور والمطالب الحقوقية بدأت تبرز بشكل واضح في حضرموت في الفترة الاخيرة, والتي تطالب بحقوق وبكيان مستقل لحضرموت تملك زمام امورها وحريتها الكاملة في ادارة مواردها وثرواتها.
مرتكزات القضية الحضرمية
القضية الحضرمية هي قضية اعرق شعب في شبه الجزيرة العربية, خدع بشعارات القومية العربية, خدع بشعارات الوحدة العربية والإسلامية, قدم الغالي والنفيس من اجل هذه الشعارات ليجد نفسه في الاخير في وطن بلا هوية, بلا حقوق وبلا ثروات وليصبح جائزة تنتظر الفائز في وسط صراعات القوى والمصالح هذا الواقع هو الذي يرفضه ابناء حضرموت, يطالبون بهويتهم وثرواتهم واستقلالهم, يناضلون من اجل قضيتهم وأن يكون لهم راي وموقف واضح في رسم معالم مستقبل حضرموت وفق المرتكزات التالية:
1. قضية حضرموت هي قضية شعب له تاريخ وهوية ترك بصماته على مر التاريخ, يريد استعادة هويته واستقلاله وثروته ليتمكن من خط مستقبله وتطوير شعبه.
2. تحت شعارات القومية العربية البراقة تم دمج المحمية الشرقية وعاصمتها المكلا بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لتفاجأ بنظام لينين وماركس بدلا من القومية العربية, وتحت سوط الحزب الواحد تعرض المجتمع الحضرمي وهويته للتشويه وقياداته وعلمائه للإبادة
3. تجرعت قيادة الجنوب بنفس الكاس الذي تجرعت منه حضرموت, خدعت في الوحدة اليمينة مع النظام القبلي العسكري في الشمال واكتوت بناره فطالبت بفك الارتباط والعودة الى دولة الجنوب وهو المنطق ذاته الذي يستخدمه الحضارمة الان للمطالبة بالعودة الى كيانهم ما قبل 1967م.
4. الثروات التي يدعي الجنوب انها له هي ثروات حضرموت, وما نهب وينهب باسم الجنوب هي ثروات حضرموت.
5. لحضرموت مطالبها وحقوقها التي يجب ان تميز وتفصل بشكل كامل عن مطالب وحقوق الجنوب, الجنوب يطالب باستعادة دولته قبل 1990م بينما حضرموت تطالب باستعادة كيانها قبل 1967م.
6. كيان ما قبل 1967م هو المطلب والحق القانوني لحضرموت, يمكنها اقامة دولة, او كيان فدرالي مع الجنوب او مع دولة الوحدة وفق ما يقرره ابناء حضرموت وبقية المحمية الشرقية في استفتاء عام لرؤيتهم للمستقبل.
المبادئ الرئيسية للقضية الحضرمية
1. قضية حضرموت هي قضية شعب له تاريخ وهوية ترك بصماته على مر التاريخ, يريد حقوقه وهويته ليتمكن من خط مستقبله وتطوير شعبه.
2. مطلب حضرموت هو الحصول على كيان مستقل, لا يقل عن الحقوق الممنوحة للإقليم الفدرالي لأي ترتيبات لمستقبل اليمن
3. يجب ان تمتلك حضرموت قرارها الكامل في ادارة شئونها ومواردها وأن تحصل على نصيب عادل من ثرواتها
4. يجب ان يكون لحضرموت تمثيل في السلطات التشريعية والتنفيذية المركزية بحجم مساحتها وسكانها وثرواتها
5. يجب ان تمتلك حضرموت جيشها وأمنها الخاص بها ومن ابنائها
القضية الحضرمية ليست بالقضية الجنوبية او الشمالية او غيرها وكل ما نتمناه ان تقوم فروع الاحزاب والحركات السياسية في حضرموت بتبني القضية الحضرمية في برامجها ولأنهم من ابناء حضرموت ان يجعلوا القضية الحضرمية اولا.

المكلاء اليوم - فك ارتباط القضية الحضرمية من القضية الجنوبية