((ريال مدريد .. ما بين الباب و الغربال ))
عندما خرج الريال الموسم الماضي خالي الوفاض وعد فلورنتو بيريز بأن يعيد الأمور الى نصابها فاستقدم المدرب كاماتشو و جلب اللاعبين صامويل و وود غيت و أوين في اطار تجديد هادف الى تخطي الانكسار و المنافسة على البطولات و الألقاب .. غير أن ما حدث لم يكن سوى ترقيع فشل في تحقيق المقصود و بلوغ المراد .. اذ عاش موسما اخر و هو من أسوأ المواسم خلال الحقبة الرياضية الأخيرة مما أدى بالرئيس الى مراجعة أوراقه ليكتشف أن الحلول الخجولة لم تعد ناجعة و أن الوقت قد حان لتغيير يمس مجرة النجوم لتبدأ مرحلة جديدة يعود فيها الفريق الى أوج قوته ليلج درب الأعالي و طريق الأمجاد .
لقد رفع كاماتشو الراية البيضاء عندما تبين له أنه لن يحقق المطلوب بمعية لاعبين دخلو مرحلة الكهولة الكروية من أوسع الأبواب .. ثم خلفه ريمون غارسيا ليكون خيارا على درب المجهول فارتجحت النتائج ما بين السلب و الايجاب و كان أن لجأ بيريز الى مدير فني جديد ليدير و يخطط .. و مدرب طموح ليزرع الروح المطلوبة في جسم فريق منكسر فظهر السراب غبر عدة اسابيع ببروز نتائج ايجابية توقفت بمجرد ما ( رجعت ريما لعادتها القديمة ) بحيث برز التعب الذهني و العياء الجسدي و أصبح لاعبو المجرة يترنحون بمختلف الملاعب معلنين عن خروج فاضح من الكأس الملكي و منافسات دوري الأبطال في ذات الوقت التي بدأت الامال تتبخر باحراز لقب الدوري أمام زحف المتصدر برشلونة رويدا رويدا نحو اللقب .
و رغم أن لقائمها قبل اسبوعين انتهى بنتيجة 2/4 لصالح الريال ليتقلص الفارق بينهما الا أن الحقيقة تقول أن لاعبي المجرة لم يطووا صفحة الانكسار السابق كمان كان المنتظر و انما بدأو يطوون صفحتهم اللامعة بناد يقال عنه انه الأفضل في العالم .. و شرعوا في الدفع ببيريز كي يعلن أمام الملأ بأن التغيير الحقيقي قادم و ان الغربال ات في نفس الوقت الذي جدد فيه الثقة بالمدرب لوكسمبورغو كي يواصل السير .. و لم يكن الرئيس المهندس سوى معبر عن موقف جمهور ملعب البيرنابيو فقد عبر الهواة و الأنصار عن موقفهم بواسطة استطلاعات الرأي التي أنجزتها الصحافة المدريدية حيث تمت المطالبة بالتصفية الشاملة للاعبي المجرة بدا بفيغو و كارلوس و راؤول و بيكهام و انتهاءا بزيدان .. و في نفس الاتجاه افصحت جمعيات الهواة المساندة للنادي عن رغبتها في تجديد شمولي يماثل ذاك الذي سبق أن شكل مفتاحا للانبعاث و سبيلا للنهوض مثلما يدل التاريخ البعيد عليه لنادي القرن .
ففي ستينات القرن الماضي شاخ فريق ديستيفانو و بوشكاش و سانتا ماريا فاستعمل الرئيس سانتياغو بيرنابيو الغربال اتيا بشبان موهوبين أمثال بيري و امانسيو و بلاثكث و سانشيز الأكبر ليرافقو خنتو .. و اذ بالريال يبعث بالاندهاش مستحوذا على بطولات الدوري و كأس أبطال أوروبا سنة 1966 .
و في النصف الثاني من التسعينيات ترنح فريق لاودروبو زامورانو و ميشيل فقام الرئيس لوروس سانت بتصفية شاملة جالبا دفعة واحدة كارلوس و بانوتشي و سيدورف و سوكر ليرافقو راؤول و هييرو ليكونوا ميلادا جديدا لفريق طموح أحرز كأس الأبطال سنة 1998 و ظل الأساس لما بعد ذلك من ألقاب لم تتوقف الا في عهد المدرب كيروش .
و لا شك أن الرئيس الحالي لا يمزح حين قال ( ان الرحيل الذي سيخص اللاعبين متوافق مع قانون الكرة ) و عندما سئل من بالتحديد سيرحل أجاب ( هذا يعتمد على بعض اللاعبين الذين فقدوا الروح القتالية و الطموح و الحديث منذ اللحظة سيكون عن القادمين الجدد و ليس عن الراحلين ).
من هنا شرعت الصحافة المدريدية تتنافس في التوقع و البحث عن اخبار ما وراء الكواليس فيما يخص كتيبة لوكسمبورغو .. و أبعد من ذلك أشار البعض الى أن ادارة النادي تبحث عن مدرب جديد بل و قام البعض الاخر بالتحديد أكثر متحدثين عن فابيو كابيللو تحديدا أو برافا بينيث مدرب الليفربول الحالي !!
لقد وصل قمة الغليان بالصحافة الى مداه البعيد مما جعل الرئيس بيريز يخاف على الروح المعنوية لفريق يراد له أن يظل برتبته الثانية في الدوري على أقل تقدير .. فكان أن عقد ندوة صحفية غير من خلالها من طريقته في الكلام و عبر عن ثقته في اللاعبين معتبرا اياهم بأنهم الأفضل في العالم مثلما اعاد التأكيد على المدرب البرازيلي في السعي نحو بناء فريق ( متطور ) فيما بعد يونيو القادم .
لكن الشيئ الأكيد بالنسبة للانتقالات ستعتمد على المواهب الجديدة التي ستتألق مع منتخباتها الوطنية و يجب أن يكونو دون الرابعة و العشرين و ستتم دراستهم جميعا عن طريق لجنة تضم الثلاثي المدير الفني اريغو ساكي و المدير الرياضي العام بوتواغينيو ( و الذي عين بديلا للأرجنتيني فالدانو ) و المدرب لوكسمبورغو .
الباب المفتوح !!!
وعد الرئيس الحالي بيريز عام 2000 بأن يجلب نجما جديدا كل عام مشترطا أن يكون من كبار لاعبي العالم و أحد الركائز الأساسية في منتخباتهم الوطنية و صاحب ميول هجومية و أيضا أن يكون راغبا بقوة في اللعب للنادي ( الملكي ).. و قد حقق الرئيس وعده فجلب فيغو و زيدان و رونالدو و أوين و بيكهام فكان السير من البداية نحو طريق البطولات و الألقاب الى أن فعل الزمن فعلته و كسر ما تبقى من نجومية لاعبي المجرة ..
لقد أصبحت الضرور ملحة للاتيان بلاعبين جدد هم من الطامحين و الراغبين باللعب بالقميص الأبيض غير أنهم ليسوا ( من لاعبي الصف الأول ) على الأقل هذي وجهة نظر المدير الفني ساكي و ان كانوا يملكون من المؤهلات ما يجعلهم واعدين بأن يصبحوا من الكبار في أقرب الأوقات و أدنى الأجال و يتجلى أقربهم الى الطريق المؤدي الى البيرنابيو كل من روبيينو و خواكين و رييس و جيرارد .
فروبينيو قد يكون الوافد الأول الى الريال حيث اشيع بأنه قد تم الاتفاق بين النادي الملكي و نادي سانتوس البرازيلي على قيمة الصفقة البالغة 18 مليون يورو و ان كان الاعلان النهائي سيتأخر حتى نهاية كأس أندية أميركا .. و خواكين قد يكون أول نجم يتعاقد معه فلورينتو بيريز من أصحاب الجنسية الأسبانية و كان اللاعب قد لمح في أكثر من مناسبة بأنه سيكون أحد أعضاء النادي الملكي الموسم القادم اذ قيل أن رئيس نادي ريال بيتيس ( لوبرا ) أنه يتمنى انتقال اللاعب الى الريال بعد رفضه عرضا من تشيلسي في يناير الماضي قدر بنحو 24 مليون يورو كمان أن المتابعين لشؤون نادي العاصمة يؤكدون بأن خواكين اذا ما حضر فأنه سيكون بديلا للبرتغالي فيغو .. و رييس الفتى الاشبيلي قد يكون محققا لمتطلبات الادارة الفنية بقيادة الايطالي العجوز ساكي فهو لاعب ممتاز في وسط الملعب اضافة الى أنه الى الان لم يتأقلم مع أجواء الدوري الانكليزي و يرغب أيضا في الرحيل بأسرع وقت ممكن الى درجة أن فينغر المدرب الفرنسي قد قال : اذا أراد ريال مدريد رييس فعليه القيام بالخطوة الأولى .. قاصدا عدم معارضته للانتقال .. و ان شاع أنه يريد مقايضته بأوين الذي يبدو أنه لن يغادر مقاعد الاحتياط للنادي المدريدي .. و جيرارد مرشح ليشكل مع غرافيسين ثنائي الارتكاز بوسط الميدان و هو احتمال قوي خصوصا اذا ما خرج ليفربول هذا الموسم من دون ألقاب .. و ستكون المرة الأولى منذ قدوم الرئيس بيريز التي سيلعب فيها لاعبا ارتكاز في نفس الوقت .
انهم مجرد أربعة لاعبين موجودين أمام فلورينتو بيريز كي يلجوه في اطار ترميم فريق يراد له أن يتجاوز ما كابده من تقهقر و عاناه من انكسار لكن دخولهم البيت الأبيض لن يتحقق الا أن تمكن الرئيس من ازالة الحواجز الموجودة على الطريق .. فروبينيو محاط بعدد من الذين لا يريدونه أن يرحل قبيل انتهاء مونديال 2006 بألمانيا .. حتى بيليه نفسه كان قد أشار في أكثر من مناسبة ( على روبينيو أن يتريث الى أن يكتسب الخبرة المطلوبة للانتقال الى الدوريات الأوروبية ) .. أم جيرارد و خواكين ان دخلا سوق الانتقالات فلن يكونا صيدا سهلا لبيريز الذي قد يجد منافسة شديدة من ابراموفيتش الروسي رئيس نادي تشيلسي و غيره الكثير .. أما رييس فلا أعتقد أن الأرسنال سيتنازل عنه الى مقابل أرقام فلكية أو مقايضته بأوين ليسناد هنري في هجوم الأرسنال .
أيضا كثر الحديث و الاشاعات مؤخرا عن عدد من المدافعين الذين من الممكن دخولهم الى البيت الأبيض الموسم القادم .. و من أبرزهم ديل هورنو ظهير أتلتيكو بيلباو الأيسر و أيضا الظهير الأيمن لنادي اشبيلية سيرجيو راموس و هما لاعبان لا ينتظر أن يقف ناديهما في طريقهما للانتقال الى الريال ان تحرك بيريز نحوهما .
الغربال !!
فتح فلورنتو بيريز باب الخروج أمام من أصبحوا يلعبون ( من دون طموح ) و لكنه قبل ذلك سيوظف الغربال بثقوب تضيق أو تتسع بحيث ينفذ البعض أو لا ينفذ وفق مؤشرات تتباين باختلاف الأسماء المرشحة للرحيل و حتى ان كان الجمهور ينشد تصفية شاملة فان اعتبارات الأدارة المدريدية قد تدفع الى حساب المنفعة المالية و كذا المعنوية في تحقيق ما هو منتظر من تجديد و لذلك صرح بيريز أكثر من مرة بقوله أنه خلافا لما يشاع فانه لن يتجه الى ثورة و انما الى احداث رتوش بفريق مازال يقول عن لاعبيه أنهم الأفضل بالعالم !!
بهذا المنظور يمكن أن نميز بالنسبة لمجموعة اللاعبين بين من هم راحلون بأقصى احتمال و بين من قد لا يسقطهم ( الغربال الملكي ) .. لهذا السبب أو ذاك .. بحيث يمكن القول بأن على الحارس سيزار أن يحزم حقائبه فورا بعد أن مل مقاعد الاحتياط و الاكتفاء بالتفرج على موهبة كاسياس مثلما على اللاعب ثيلادس أن يودع زملائه بعد أن فقد الأمل في البقاء أساسيا بعد قدوم غرافيسين .. أما لاعبو المجرة فلهم حسابات و متهات أخرى قبل الخروج أو السقوط في الغربال المزعوم .. ففيغو مرشح ليكون أول النجوم الراحلة مثلما كان أول القادمين و هو أمر قد يدل على حدوثه صمت الادراة المدريدية أمام البرتغالي و هو يطالب في الصحف بتجديد عقده مع زيادة الراتب .. و يؤشر عليه ما عرفه هذا اللاعب من تراجع جعل فريقه و كأنه يلعب من دون جناح أيمن !
الانكليزي أوين هو المرشح الثاني نظرا لبقائه الطويل في الاحتياط رغم ما سجله من أهداف هي أكثر حاليا من الأساسي و القائد و الرمز المدريدي راؤول !! لا سيما و أنه قد يحقق عائدات مالية جيدة ببيعه كما قد يتم استبداله بالاسباني مهاجم الارسنال رييس .
أما روبرتو كارلوس فهو متأرجح بين البقاء و الذهاب .. فقد يبقى اذا ما أصر لوكسمبورغو على وجوده ضمن خططه المستقبليه .. و ذقد يذهب في حال رحيل المدرب أو وجود بديل ممتاز له مثل الانكليزي اشلي كول المغضوب عليه في الارسنال حاليا !!
أما بيكهام فهو مرشح للبقاء بنسبة قوية رغم عدم تألقه مع النادي الا انه يحقق للنادي أرباح وفيرة .. اذ يستفيد النادي من بيع صوره بنسبة 50% من العائدات علاوة على ما يباع من قمصانه خارج الديار الاسبانية و اضافة الى انه يساعد على تحسين صورة النادي في بعض البلدان الاسيوية بحيث تكون مباراة ودية يشارك بها بيكهام في الصين أو اليابان أو أي بلد اخر في زيادة المدخول أضعاف مضاعفة بالنسبة لمباراة لم يلعب بها !!
أما رمز المزرعة المدريدية فهو مرشح بالبقاء لأنه رمز الفريق و أحد ابنائه المخلصين بالرغم من انعدام مستواه هذا الموسم و لأنه أحد الرموز اذا يجب عليه الا يعتزل الا و هو يرتدي القميص الأبيض .
أما زيدان فهو حالة أكثر من استثنائية .. فقد قال بيريز أنه عند اعتزال زيدان الكرة فانه سيبقى في النادي كـ ( اداري ) و ذلك على الأغلب بعد عام 2007 .. كمان أن اعتزاله و هو في النادي يعد شرفا كبيرا للفريق سيحسب له خلال ما سيأتي من الأزمان .
و رونالدو سينتظر على الأغلب تقرير مصيره من تحديد مآل الاخرين .. فقد أصبح ينعت بالخروج على الانضباط اضافة الى تراجع أدائه في أكثر مناسبة و تألقه في المناسبات القليلة .. لكن بيريز لن يستغني عنه بسهولة تذكر و هو الذي عانى الأمرين لأستقدامه .. و قد يتم الاستغناء عنه فقط اذا ما أحضر البديل المناسب له و الذي سيكون على شاكلة أدريانو و الذي شاع أنه سيكون أحد نجوم الريال في الموسم القادم مما أدى بادارة نادي الانتر الى القول أن لاعبها ليس للبيع بأي ثمن !!
و مهما كان الأمر فأن عدد الذاهبين ينبغي أن يتكافئ مع عدد القادمين مما قد ينتج عنه العديد من الضحايا الشبان أمثال بورخا أو برافو أو ميخا أو حتى بورتيلو .. و ان كان هؤلاء ان مسهم قرار الاستغناء فانه سيكون على مستوى الاعارة لا أكثر .
و بعد ؟؟
فانها توقهات تبدو جدا قوية أمام التأرجح بين تصفية شاملة ترضي كثيرا من الهواة و رتوش ينشدها الرئيس بيريز .. فهل يقف هذا الأخير عند الرتوش كما صرح لصحيفة ليكيب الفرنسية ؟ أم أن قوله لم يكن الا من أجل رفع المعنويات قبيل انتهاء الدوري ؟ و هل ستكون حساباته الأساس لتغيير الفريق ؟ أم أنه سيضرب بها عرض الحائط مهام كانت العواقب ؟
ان كل شيئ ممكن في عالم الكرة الغامض .. و كل أمر بالنسبة للوافدين و الخارجين انما هو أمر يتوقف على طبيعة الباب و نوعية الغربال .
