البطالة والشباب
تعد مشكلة البطالة إحدى أهم المشاكل التي تواجه الحكومات والشعوب في مختلف دول العالم ، ولأن هذه المشكلة ترتبط إرتباطاً وثيقاً بأهم مجالات الحياة ووسائل العيش كانت لها هذه الأهمية ، كما تبرز أهميتها أيضاً من كونها تعد المشكلة الأولى التي يعاني منها الشباب في أي مجتمع ..
وفي مجتمعنا اليمني – الذي تمثل فيه شريحة الشباب أكبر شرائح المجتمع – تبرز مشكلة البطالة بشكل لافت ، وحسب آخر الإحصاءات الرسمية فإن نسبة البطالة في اليمن تقدر بحوالي أكثر من 40% فضلاً عن البطالة المقنعة !!
سجلات الخدمة المدنية لعام 2007م في أمانة العاصمة فقط إحتوت على أكثر من ثلاثين ألف ملف لخريجين من مختلف التخصصات في الوقت الذي لا يتجاوز فيه أعداد الوظائف الحكومية السنوية لعموم محافظات الجمهورية الــ 4000 وظيفة تقريباً !
البطالة والفساد
الوسائل المعتمدة في التوظيف والتفاضل لنيل الوظائف في اليمن لا تعتمد على القوانين واللوائح المنظمة لهذه العملية ولا تعتمد على مستوى الخبرات والكفاءات المتقدمة !
المعتمَد فقط هو وسيلة فيتامين ( و ) وفيتامين ( ر ) أي فيتميني الوساطة والرشوة !!
وبدونهما من المستحيل الحصول على أي وظيفة حكومية ، وربما أيضاً غير حكومية !
باب التوظيف في اليمن هو أحد أهم أبواب الفساد المتغلغل في كل أجهزة الدولة والمجتمع ، وهذا الأمر بالذات مشهور معروف عند الجميع ولا يحتاج لشواهد وأدلة .
سنذكر فقط آخر مثال يؤكد الفساد القائم على قدم وساق في هذا المجال :
فبعد إجازة عيد الفطر المبارك الماضي - أي قبل أقل من شهرين تقريباً – نشرت الصحف الرسمية قوائم بأسماء المرشحين لنيل الوظائف في دواوين ووزارات أمانة العاصمة وبعض المرافق الحكومية الأخرى ، وقد كان ملاحظاً وواضحاً أن أغلب الأسماء أوجلها كانت لأشخاص حديثي التخرج .. راجعوا الأعداد ( 15692 ) و ( 15693 ) من صحيفة الثورة الرسمية اليومية .
في الوقت الذي يعرف الجميع أن هناك عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المؤهلين الذين تقدموا منذ سنوات عديدة وفي نفس التخصصات وبمعدلات أكبر وخبرات أكثر !!
الوعد الإنتخابي
كانت أبرز وعود الرئيس الإنتخابية أثناء إنتخابات الرئاسة الأخيرة ( سبتمبر 2006م ) هي وعده الإنتخابي المشهور : ( القضاء على البطالة وتشغيل كل العاطلين خلال عامين فقط )
أي بحلول سبتمبر من عام 2008 م .. وهاقد مر عام وأكثر من شهرين على الوعد وقرب اليوم الموعود ، ولازالت جموع العاطلين في تكاثر !
ربما أن هذا الوعد سيتحقق ولكن فقط على إحدى طريقتين :
إما أن يقوم الرئيس بتجنيد كل العاطلين وإرسالهم إلى محرقة جديدة في صعدة ، أو في شبوة أو في مأرب أو غيرها ، لكي يتخلص منهم ، وهذا غير مستبعد إطلاقاً ، خاصةً بعد كلامه قبل فترة عن عزمه إعادة العمل بقانون خدمة الدفاع الوطني !!
وإما أن يعترف الرئيس أنه كان يمزح وأن المقصود بعام 2008 م هو العام الهجري 2008م أي بعد مئات السنيين ؟!
أداة تغيير و قنبلة موقوتة !
الفراغ والبطالة هي بلا شك من أهم أسباب ظهور الإنحرافات في أوساط الشباب وظهور عادات وسلوكيات تهدد إستقرار المجتمع ، ولكن لاشك أيضاً أن شريحة ( العاطلين عن العمل ) هي شريحة مهمة في المجتمع وبإمكانها إحداث تحولات جوهرية فيه .. فلو أن العاطلين في كل المحافظات أنشأوا جمعيات – بالإضافة للجمعيات القائمة التي بدأت تنشط على غرار جمعيات المتقاعدين - وقاموا بفعاليات موحدة في عموم محافظات ومديريات الجمهورية ، ورفضوا التوقف عن فعالياتهم حتى يتم الإستجابة لمطالبهم ومطالب الشعب ..
لو أنهم يفعلوا هذا لشهدنا تغييراً غير مسبوق في سياسات النظام الحاكم والحكومة .. وعلى الأقل سيلتفت المسؤلون لهذه القضية بجدية غير مسبوقة !
إن قضية البطالة هي قنبلة موقوته توشك أن تنفجر في أي لحظة إذا لم يتداركها المعنيون ..
فأحداث شبوة الأخيرة في مديرية عسيلان قبل أسابيع وقبلها تفجير أحد أنابيب النفط في مأرب وغيرها من المشاكل كلها حصلت على خلفية مشكلة البطالة وعدم الموافقة على توظيف عاطلين !
على المسؤلين أن يهتموا بهذه القضية ويضعوها في أولوياتهم قولاً وعملاً مالم فسيكونون أول من يكتوي بنار عواقبها وآثارها المدمرة !
وعلى العاطلين أن يأخذوا زمام المبادرة ويتحركوا للمطالبة بحقوقهم وحقوق غيرهم لأنهم هم الأمل في التغيير نحو الأفضل !
الحل .. السهل الممتنع !
اليمن بحمد الله بلد غني بالثروات وكل المقومات الكافية لجعله من أفضل بلدان المنطقة ، لولا أن من يحكنا هم مجموعة
من اللصوص الذين يتغنمون تلك الثروات ويتقاسمونها كأنها ورثة أو ضيعة خاصة بهم ،
هاؤلاء اللصوص أو العصابات الحاكمة مهمتهم الأساسية تبديد ثروات هذا الوطن بين النهب المنظم وبين الصفقات المشبوهة مع شركات النهب الأجنبية ..
أليس لدينا ثروة نفطية .. وثروة غازية .. وثروة سمكية .. وثروة زراعية ( أراضي شاسعة وخصبة يتم إهمالها ) .. وثروة بشرية .. وثروة سياحية .. وثروة إستراتيجية ( موقع اليمن وطريق باب المندب ) .. وثروة تراثية وفكرية ( آثار ومخطوطات ) .. وغير ذلك الكثير والكثير ..
إذاً لماذا نحن في آخر القائمة في كل شيء ؟!
لو أن النظام وحكومته فقط يهتمون بالجانب الزراعي والثروة الزراعية ، ويقومون فعلاً بصرف أراضي للعاطلين لإستغلالها زراعياً ، ويقدموا تسهيلات لهم ولبقية المزارعين بعيداً عن التوظيف السياسي والحزبي والعاية الكاذبة ..
وبعيداً عن القروض والديون الربوية المجحفة والمفقرة !
لاستطاعوا بذلك أن يحدثوا نقلة نوعية على صعيد التنمية .. ولشهد اليمن رخاءً غير مسبوق .. ولارتفع مستوى دخل الفرد والمواطن اليمني .. ولاستطاعت الحكومة أن تعمل نقلة نوعية حقيقية في التنمية ولحققنا إكتفاءً ذاتياً في غذائنا نسلم به من الإستيراد وتقلبات الأسعار العالمية ..
ومن خلال ذلك سيتم القضاء على البطالة والبطالة المقنعة .. وإنهاء كل مظاهر الفقر والمجاعة
وستذكرون ما أقول لكم ..
موازنة !
الذي يسطو لدى الجوع
على لقمته .. لص حقير
والذي يسطو على الحكم ،
وبيت المال ، والأرض
أمــير !
....
....
أيه اللص الصغير ..
إستعر بعض سعير الجوع
واقذفه بآبار السعير
واجعل النار تدوي
واجعل التيجان تهوي
واجعل العرش يطير
هكذا العدل يصـير !
أحمد مطر .....
